رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

جعجعة بطعـــم الهزيمــــــة

لم يرق لى ولو للحظة واحدة شكل وجوهر التعاطى الاعلامى فى شأن الأزمة المصرية ـ السعودية العابرة بين البلدين أخيرا حيث حجم الأخطاء والتجاوزات كان بغيضا من هنا أو هناك فى دلالة كاشفة لافتة أن فريقى الاعلام فى الجانبين فقدا الصواب وعقلانية ومنطق الحكمة والرشادة السياسية والاعلامية وانزلقوا الى منحدرات السفه الأقرب إلى لغة المعايرات التى فات أوانها عبر جملة تفلتات خطيرة ومقصودة كان الإطار الحاكم لمعظمها الجهل والضحالة الفكرية غير المسبوقة الذى جعلهم لا يميزون بين الاستراتيجى والتكتيكى.

حيث إن انعدام الخبرة السياسية وتراجع الكفاءة واطلاق ألسنة الشتائم كجماعات هذا ديدنها جعلها تسعى لإيجاد مناخات من التوتر والفوضى الجوالة للنيل من علاقات متجزرة ومعمقة بين بلدين ولم يدركوا عن فطنة منعدمة أنه كانت هناك محاولات يائسة بائسة لضرب العلاقات المصرية السعودية طيلة التسعينيات وفن الألفية الجديدة عشرات المرات ولكنها ضربت فى مقتل وفشلت. وبالتالى كان يجب على هؤلاء وهؤلاء أن يعوا أن ماحدث دون الخوض فى التفاصيل كان وسيكون سحابة صيف ومآله مزبلة التاريخ، حيث إن الأبقى والأنفع تلك الصفحات المضيئة فى تاريخ البلدين تلك التى سطرت بتضحيات مشتركة وفواتير وأثمان غالية من أجل الحفاظ على ثوابت ومرتكزات هذه الأمة العربية باعتبار البلدين جناحى الأمة لا استغناء ولا استباحة لأحدهما دون الآخر. وبالتالى دعنا نعترف ونقر صراحة أن السبب الرئيسى والمحورى فى اندلاع فتيل أزمة مصطنعة كان الاعلام وحملات الشتائم الرخيصة المتبادلة بين فريقين فى البلدين غالبيتهم على مواقع التواصل الاجتماعى من غير أهل الاختصاص والموتورين الذين أعدوا العدة واستغلوا الحدث لضرب جوهر العلاقات. اعتقادا من كل فريق أنه انتصر وحقق الهدف الأسمى فى هزيمة وقهر شقيقه العربى سواء فى القاهرة والرياض فى حين أن تلك الأزمة كانت كاشفة للتعرف على حالة الخبل والانهيار الاعلامى الذى تقوده جماعات غير كفء حيث وجدنا أن الجميع هنا أو هناك خاسر، وبالتالى كل هذه الجعجعات وتلك الانتصارات الاعلامية لهذا الفريق أو ذاك ماهو إلا تعبير عن كارثة أو مأساة بطعم الهزيمة لكل منهما وللبلدين وشعبيهما.

ومن أسف أنه قد غاب عن الجميع واللاعبين فى تلك الأزمة الاطار الاستراتيجى الذى يحكم طبيعة وجوهر تلك العلاقات التى ارتقت أخيرا الى الشراكة الاستراتيجية حيث ان البلدين مصر والسعودية هما رمانة الميزان وبوليصة التأمين الباقية لدولتيهما ولبقية أقطار العالم العربى حيث غاب عن الجميع تلك التطورات المأساوية التى تعيشها المنطقة وزلزال الكوارث الذى يضرب عواصمنا ناهيك عن التوترات الاضافية المزلزلة القادمة لمستقبل هذه المنطقة. على أن أعترف أننى مدرك بطبيعة الحال لحالة الانعطافة الوطنية والشعور بالغيرة القومية الذى دفع أنصار كل فريق سواء فى القاهرة أو الرياض للجوء إلى مثل هذه الأدوات والأساليب والمهاترات وتجاوز الخطوط الحمراء الحاكمة لجوهر وصلابة علاقات أكبر بلدين فى العالم العربى وإحدى ركائز المثلث الاقليمى حاليا لكن يجب على العقلاء من الجانبين أن يتدافعوا ويشمروا عن سواعدهم منذ اللحظة لمنع هذه الانزلاقات ولإطفاء مثل هذه النيران قبل أن تستعر فى دهليز البلدين بعد أن استمرأ تجار المواجع فى اعلام البلدين تحين الفرص بين الفينة والأخرى لضرب هذه العلاقات، خاصة أنه كانت هناك أكثر من خمس محاولات يائسة منذ وفاة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ولكنها تحطمت على صخرة التلاقى والرشادة السياسية والعقلانية والحكمة البارزة لقيادة البلدين حاليا لتصحيح المسار أولا بأول وإعمال مسارات الاحتواء، وتعطيل وضرب موجات التصعيد من قبل بعض المنفلتين والمأزومين عقليا فى البلدين أو محاولات الوقيعة الرخيصة من قبل دول فى المنطقة وفى المقدمة منها ايران وحتى قطر. إلا إننا يجب أن نعترف بأن ما حدث من تطورات الأزمة المصرية ـ السعودية لم يكن التصويت فى مجلس الأمن من قبل مصر لصالح القرار الروسى منشأ للأزمة بقدر ما كان كاشفا لها حيث يؤكد انه لابد من تحرك من قبل القيادات وكبار المسئولين فى البلدين عبر الاسراع فى تغيير وتعديل أدوات وخطط التواصل وتعميق الحوار والتنسيق وتجذير مشتركات الشراكة الاستراتيجية وعودة لجان الحوار الاستراتيجى أولا بأول كما كان يحدث فى الأشهر السابقة من خلال حوار وجولات رئيس الوزراء المصرى شريف اسماعيل وولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان وكذلك على مستوى وزيرى الخارجية سامح شكرى وعادل الجبير لمزيد من التنسيق وفتح ثغرة إيجابية سريعا ودوما فى جدار أى أزمة كانت تتعلق بقضايا وأزمات المنطقة والعالم العربى.

يجب ألا تمر تداعيات سحابة الصيف الأخيرة التى ضربت لعدة أيام جوهر وصلابة العلاقات دون أن تكون هناك مراجعة نقدية واعادة تقويم لمسار العلاقات إلى الأفضل ووضع آلية تعاون مثمر ومستمر لوأد أى محاولات خبيثة من هذا القبيل للنيل من عمق وشراكة علاقات البلدين.. أما هؤلاء الاعلاميون وكتائب الشر المطلق فأقول لهم اذا ابتليتم بالمعاصى فاعترفوا وتوقفوا عن تلك الترهات أو استقيلوا من عروبتكم.

لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: