رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
الرجل صاحب خبرة سياسية، محترف فى عالم الدبلوماسية والسياسة، صال وجال فى ملاعب أزمات الشرق الأوسط الطاحنة وأحيانا الفتاكة، كان فى فترة التسعينيات يحرك كثيرا من خيوط الملفات الصعبة، يهوى اللعب خلف الكواليس بجانب صديقه وزير الخارجية آنذاك عمرو موسى، أسندت إليه العديد من الملفات الصعبة، اشتبك سنوات سرا فى ملف الصراع العربى ـ الإسرائيلى عبر تولى ملف ما بعد أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين وما يعرف بمفاوضات الأيام الصعبة ورأس العمود، ثم أرسل سفيرا لمصر إلى اليابان ومنها إلى مهندس ملف العلاقات المصرية ـ الأمريكية حتى أصبح متمرسا ولاعبا رئيسيا فى تحديد خطوط وفواصل التلاقى والابتعاد فى مشهد العلاقات المصرية ـ الأمريكية فى لحظات صعبة وفارقة. اختلف مع سلطة مبارك فى السنوات الست الأخيرة أثر الانسحاب، وكأنه كان يعلم نهاية ومأساوية هذا النظام، اعترض علنا وسرا على عديد سياساته وتراجعاته. وعندما اختير فى لحظات التيه السياسى التى كانت تعيشها مصر لمنصب وزير الخارجية، كان يتزامن حضوره وقبوله المنصب مشهد سياسى يراهن البعض فيه على دخول مصر طور الانهيار والتراجع الكبير بعد ثورة 30 يونيو حسبما كان يخطط الغرماء والمغامرون والأعداء لكسر أقدام هذا الوطن وتركيعه.. لكن نبيل فهمى وزير الخارجية يومها قبل المنصب والتحدى، كان يعلم أن المهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة. ولكنه كان واثقا من النجاح، قدراته ومؤهلاته ومقوماته الدبلوماسية والسياسية تؤهله لمهمة كانت أشبه بفعل الانتحارى، ولكن فى ملعب وميدان مختلف ميدان العلاقات السياسية والحوار والتفاهمات وطرق الأبواب الموصدة فى وجه الدولة والشعب المصرى، بعد أن قام بثورته وعزل وخلع حكم الفاشيين الدينيين، وإقناع العالم بجرم وبشاعة حكم عصابة الإخوان، وأن إرادة الشعب المصرى هى التى قهرتهم وطاردتهم بعد أن تفوقوا على كل عصابات الشر فى سرقة البلاد والهبوط والانزلاق بالدولة والشعب وتاريخ مصر إلى سابع أرض، كان يعلم أن المهمة صعبة، وأن حالة الانكفاء على الذات والانغلاق على الداخل التى جرنا إليها مبارك ومن بعده مرسى أدت وقادت مصر إلى مورد التهلكة، حيث الدور تراجع، والمكانة المصرية فى عالمنا العربى والإقليمى تقزمت وعلى المستوى الدولى تناست وتراجعت نهائيا. ونجح يومها ببراعة المقاتل الدبلوماسى عبر فرق عمل من زملائه وتلاميذه فى الخارجية المصرية، حيث صاغ وبلور رؤية سياسية واضحة ومتكاملة تضمن العودة والبقاء على عرش المثلث والمحيط الاستراتيجى الإقليمى، ناهيك عن إنهاء القطيعة واقناع غالبية دول العالم بصواب الثورة والرؤية المصرية للشعب والدولة، فتح نوافذ وشرعات السياسة والدبلوماسية المصرية على كل الأصعدة، تصدى ببسالة وبراعة المحترف وذكاء المقاتل فى وأد وافشال كل المخططات ومحاولات التشكيك فى القرار المصرى من قبل جماعة الإخوان الإرهابية وقطع خطوط التواصل والتلاقى بينهم وبين بعض الدول والجماعات فى الخارج من المؤيدين وضرب فى مقتل مساعيهم لنقل القضية إلى مجلس الأمن. ولم يتوقف عند هذا المدى، بل صاغ فلسفة جديدة للسياسة الخارجية المصرية على أساس تنوع المصادر وتعدد الخيارات حفاظا على استقلال القرار المصرى الخارجى والعودة من جديد للانفتاح على روسيا وآسيا وحدود مصر الإقليمية عربيا وإفريقيا والدائرة الإسلامية وممارسة دبلوماسية قوية مع إثيوبيا بمنع التمويل الأمنى والمالى لسد النهضة طيلة عامى 2013 و2014، اتفقنا على الموعد واللقاء فى الأيام الماضية، ذهبت إلى الوزير نبيل فهمى حيث مازال يتابع ويحلل ويشارك عن قرب فى العديد من المنتديات الدولية والشرق أوسطية، بالرغم من تركه حقيبة الخارجية مازال يعرف تقاسيم الليل والنهار السياسى فى ظلمة العالم العربى، كنت أريد أن أعرف وأطلع على قراءاته بشأن سيناريوهات الوضع فى مصر والعالم العربى والإقليمى ومستقبل علاقاتنا المرتقبة مع ساكن البيت الأبيض القادم سواء هيلارى أو ترامب، ولم لا وهو المطلع على تفاصيل ودقائق مشهد العلاقات المصرية ـ الأمريكية بحكم عمله بواشنطن. أبلغنى أن الوضع فى مصر مطمئن، نحتاج إلى مزيد من الجهد السياسى فى الإقليم، نزيد من الاشتباك الدبلوماسى لإطفاء نيران الحرائق المتنقلة فى الإقليم، وقوة اندفاعه مدروسة لوأد حروب الفتن الطائفية والمذهبية الجوالة فى المنطقة. يتمنى ويرى أن هناك فرصة بل ومن حقنا أن نصبح ونكون أقوياء، بل يجب أن تتضافر جهودنا وأن ننسق مساعينا والتزاماتنا من أجل دعم حق مصر التاريخى الأسمى فى أن تكون قوية فى الإقليم بالرغم من اعترافه ببعض المشكلات والأزمات، ولكنه يراهن على قدرة هذا الشعب وتلك الأمة فى تجاوز كل تلك الصعوبات مهما كانت التحديات. وجدته حزينا، قلبه يكاد ينفطر على سوء الأوضاع فى العالم العربى، الوضع كارثى يرهقه ما يحدث فى سوريا وتفجعه مأسى السوريين اليومية التى فاقت ما لحق بدول أوروبا فى الحرب العالمية الثانية، تلك الفاتورة هناك مؤلمة وباهظة، يسددها السوريون من أرواحهم وحياتهم، ولا يغيب عن ذهنه وعقله الوضع فى ليبيا، وكيف وصلوا إلى هذا الحال، وضعف وتراجع وخلل المعادلة العربية فى رسم نقاط فاصلة وقاطعة لتلك المآسى العربية. يرى أن التاريخ يكتب أمام أعيننا حاليا فى المنطقة والعالم العربى، يبدو فى الوقت الحالى منزوع العافية بلا قوة ولا حيلة فى الوقت الذى تزداد تدخلات وأجندات تركيا وإيران، حيث لا مصالحة ولا تفاهم لقضايا الإقليم إلا عبر تفاهم وحوار عربى مع هذين البلدين، ولكن ليست وفق شروطهما، بل شروط ولائحة مطالب عربية أولا، وأولها وقف التدخل من قبلهم فى شئون العالم العربى، ومنع التهديدات أو أى تحرشات بسلامة وأمن الدول العربية، وليكن هذا مفهوما أولا. أقنعنى أنه لابد أن تكون مصر دولة قوية أولا فى المنطقة حتى نعطى أولوية فى العلاقة مع ساكن البيت الأبيض القادم، حيث العلاقات تقوم على المصالح وليست العواطف، وأن نسعى باهتمام مع أمريكا مثلما نفعل حاليا مع روسيا والصين. لمزيد من مقالات أشرف العشرى