رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
أرقام المنظمة الدولية للهجرة تقول إن نحو 300 ألف مهاجر وصلوا إلى سواحل أوروبا على البحر المتوسط هذا العام، وهؤلاء فقط هم الذين استقبلتهم أوروبا بالترحاب وبحثت لهم عن مهن تناسبهم باعتبارهم الأبطال الناجين من جحيم حروب الشرق الأوسط التي أشعلتها أوروبا نفسها تحت مسمى الربيع العربي! ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلا، إذ ما لبثت الحكومات الأوروبية أن غيرت رأيها، وباتت تتعامل مع هؤلاء القادمين من البحر على أنهم وباء وخطر ومصدر للتطرف والإرهاب والجريمة، وبخاصة بعد الهجمات الإرهابية في بلجيكا وفرنسا وألمانيا، والتي لم تعد أوروبا بعدها تفرق بين اللاجيء والإرهابي. نقول هذا الكلام لـ «المتحذلقين» و«المتفذلكين» من شبابنا ولأولئك الذين «يطبلون» لهم على طول الخط ممن نفخوا من قبل أيضا في شباب الثورة والألتراس إلى أن «ودوهم في داهية». فهؤلاء للأسف لا يزالون يعتقدون أن اللاجيء مرحب به في أوروبا، أو يحظى باحترام واعتراف ولو بعد حين، أو يلقى معاملة لائقة أفضل من تلك التي يلقاها في بلده، حتى وإن أدخلوه إلى السجن! بالتأكيد، كان للهجرة غير الشرعية بريقها قبل فترة، بدليل تلك المنازل الفاخرة والمشروعات التجارية التي انتشرت في بعض قرى محافظات الدلتا تحديدا، لمهاجرين عائدين من أوروبا بعد أن كونوا ثروات، يعلم الله مصدرها، ولكن، في كل الأحوال، هذا الكلام كان زمان، فأبواب أوروبا الآن موصدة بالضبة والمفتاح، وقوارب اللاجئين ممنوعة من الاقتراب والدخول حتى وإن غرقت في مياه البحر، واسألوا جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، ومخيمات استقبال اللاجئين أغلقت، واسألوا مخيم كاليه الفرنسي، وحتى شينجن نفسها تحتضر! تركيا، المعبر الأول للمهاجرين أغلقت «الحنفية»، بعد أن ابتزت أوروبا، وحصلت على بضعة مليارات من اليوروهات مقابل منع عبورهم إلى اليونان، ومنها إلى البلقان، ثم إلى دول شرق أوروبا وغربها. وحتى ألمانيا التي كانت تتعامل بمثالية شديدة وبسياسة «الحضن المفتوح» مع اللاجئين في باديء الأمر، اعترفت لاحقا على لسان ميركل نفسها بأن هذه السياسة كانت خاطئة ولن تستمر! هذا سياسيا، أما أمنيا ومجتمعيا، فأولئك الذين عبروا أو ما زالوا يعبرون إلى أوروبا ملاحقون أمنيا ومنبوذون مجتمعيا، فلا أحد يريد أن يستقبل المزيد منهم، والموجود منهم يلقى معاملة المتسولين والدخلاء، وليس بإمكانه العمل في أي جهة محترمة، أكرر جهة محترمة، والفرصة الوحيدة أمامه أن يعمل لدى عصابات الجريمة المنظمة أو تجار المخدرات وتهريب البشر وبيع الأعضاء والدعارة وغير ذلك، أو أن يختبيء داخل ورشة أو مصنع أو مطعم صغير حقير يتقاضى فيه الفتات مقابل غسيل الأطباق أو تقشير البطاطس أو تنظيف الحمامات، إلى أن تداهم الشرطة المكان ذات يوم وتقبض عليه وتودعه السجن لحين تسليمه إلى سفارة بلده وترحيله. وحتى لو حاول ادعاء الاضطهاد في بلده للحصول على اللجوء السياسي، فإن مثل هذه الحالات لا يتم البت فيها سريعا، وغالبا ما تنتهي برفض طلب اللجوء، خاصة وأن البيه جاء من طريق غير شرعي أصلا! عزيزي الشاب: لن تقتنع إذا قال لك أحد إن بلدك في حاجة إليك، ولكن عليك أن تقتنع تماما بأن «مطاريد الأوطان» مهما كانت أسبابهم - ليسوا سلعة مطلوبة أو رائجة فى الخارج!.. «يارب نفهم»!. لمزيد من مقالات هـانى عسل