رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

نحو مجتمع مستقر ذو الحجة موسم الفضائل والطاعات

يطلق شهر ذى الحجة على الشهر الثانى عشر من أشهر التقويم الهجري، وهو الشهر الذى تنتهى به السنة، وقد اختص الله تعالي هذا الشهر بجملة من الفضائل والسمات التى لا توجد فى غيره، فهو موسم للطاعات ومحل للتنافس والمسارعة بالبر وفعل الخيرات، حتى ينال العبد جزيل الأجر ورفيع الدرجات.

ومن الدلائل على عظمته وشرف زمانه اشتمال أيامه على مناسك الحج، الذى هو شعيرة الإسلام الكبري، وتأتى فيه الأيام المعلومات والمعدودات ويوم عرفة الذى هو ركن الحج الأكبر، ومن ثَمَّ كان أعظم الشهور حرمة، فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الشهور شهر رمضان، وأعظمهاحرمة ذو الحجة» (شعب الإيمان للبيهقي/ 3479).

لكن تزداد العشر الأيام الأُول منه بركة ومزية وفضلا؛ حيث أقسم الله تعالى بها فى كتابه الكريم، فقال سبحانه : [وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍعَشْرٍ والشفع والوتر] [الفجر: 1-3]، وهذه الآيات الكريمات فسرها النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: «إن العشر عشر الأضحي، والوتريوم عرفة، والشفع يوم النحر» (مسند الإمام أحمد/ 14511).

وفى ذلك إشارة إلى أن هذه الأيام العشرة الأول من شهر ذى الحجة يطلب فيها الاجتهاد بالعبادة وعمل الخير والبر بمختلف صوره وأشكاله؛ تعرضًا لرحمة الله تعالى الواسعة وفضله العميم المبثوث فى أوقاتها المباركة، فالأجر والثواب اللذان ينالهما العبد على ما عمله فيها من أنواع الخير وما بذله فيها من وجوه البر يفضل فعل نفس هذه الأعمال فى باقى أيام السنة، قال صلى الله عليه وسلم: «ما العمل فى أيام أفضل منها فى هذه؟» قالوا: ولاالجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء» (صحيح البخاري/ 969).

والمتأمل فى هذه النصوص الشريفة يجد أن المزية الحاصلة فى هذه الأيام تشمل وتعم أى عمل صالح دون تفضيل نوع على آخر، أو تعيين عبادة دون غيرها، مما يشير إلى أن هذا التفضيل يتحقق لجميع الأعمال الصالحة بأنواعها وللعبادة بألوانها. غير أنه يتأكد إحياؤها بالذكر والتحميد والتكبير، لما رواه ابن عمررضى الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أفضل عند الله عز وجل ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتهليل والتحميد» (الدعاء للطبراني/ 871). وكذا يستحب صيام أيامها؛ فهو من جملة العمل الصالح لعموم الأدلة، بل بيَّن النبى صلى الله عليه وسلم فضل صيامها وثوابه، فقال: «إن صيام يوم منها يعدل صيام سنة، والعمل فيهن يضاعف ست مائة ضعف» (شعب الإيمان للبيهقي/ 3481)، وعن أبى هريرةرضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذى الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر» (سنن الترمذي/ 758). ويزداد استحباب صوم غير الحاج ليوم التاسع من ذى الحجة الذى هو يوم عرفة يوم الحج الأكبر فهو سنة مؤكدة؛ لما له من فضيلة ومزية وردت بخصوصه، فعن أبى قتادة الأنصارى رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله، والسنة التى بعده» (صحيح مسلم/ 1162). لكن يحرم بإجماع المسلمين صيام يوم العاشر من ذى الحجة لأنه يوم عيد الأضحي، فهو من الأيام التى يحرم على المسلم صومها؛ لأن فى ذلك انتهاكا لضيافة الله تعالي. ومن ذلك فشهر ذى الحجة موسم للطاعات ومحلا للفضائل، خاصة العشر الأيام الأول منه، واجتهاد المسلم فيها بالعبادة وفعل الطاعات - خاصة تلك المتعلقة بالصلات والبر بالآخرين - لهو أمر مشروع ومطلوب حتى يؤدى شكر الله تعالى على شهوده لهذه الأيام المباركة، وعلى التوفيق فيها للعمل الصالح، حتى يفوز برضا الله تعالى ومغفرته ورحمته فى الدنيا .

لمزيد من مقالات د شوقى علام

رابط دائم: