رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

السبسي يحل شفرة "النهضة"

هل يتم الأن تشكيل عقل سياسي جديد في حركة النهضة التونسية؟ ليدخل في مرحلة التخصص وفصل الدعوة عن السياسة، حركة النهضة، خرجت إلي العلانية وعرضت نفسها بشكل جديد على الشعب التونسي، وخرجت من دائرة التقوقع إلي دائرة التموقع، ولم تعد مثل الحركات السياسية الأخرى. النهضة بأخطائها الكثيرة وبانزلاقاتها القاتلة، تصرعلى أن تنحت وتخط مستقبلا لتونس، وتقدم نموذجا جديدا لمشروع حضاري، قد نتفق أو نختلف على شكله، لكن في النهاية فيه محاولة لصنع تجربة وسعي نحو رسم خرائط جديدة لوعي سياسي جديد، يكسر حالة الركود والعدمية التي أصيب بها العقل السياسي العربي.

ثمة تحولات سياسية جديدة، طرأت علي حركات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط في الأونة الأخيرة، في أعقاب سقوط جماعة الإخوان المسلمين من المشهد السياسي المصري بعد ثورة 30 يونيو، حيث تعددت الانشقاقات، وكثرت الانفصالات، وظهرت الانقسامات، ما نتج عنه مشهد سياسي مغاير في الشرق الأوسط. كان آخرها في تونس، حيث أعلنت حركة النهضة، والتي تعتبر مكون أصيل من مكونات الإسلام السياسي، وإحدى الحركات المرتبطة بالجماعة، في المنطقة، عن فصل العمل السياسي عن الدعوي، بالتزامن مع مؤتمرها العاشر، والذي بدأ فعالياته الجمعة الماضية.
مؤسس النهضة التونسية ورئيسها راشد الغنوشي، أكد أنه سيتم فصل العمل الدعوي عن السياسي، والتحول إلى حزب مدني، مؤكدا أن النهضة حزب سياسي ديمقراطي ومدني، له مرجعية قيم حضارية مسلمة وحداثية، وأن المنحي الأن نحو حزب يختص فقط بالأنشطة السياسية، موضحا أن الحركة ستخرج من الإسلام السياسي، لتدخل في الديمقراطية المسلمة، قائلا "نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرف أنفسنا بأننا جزء من الإسلام السياسي"، مضيفا " نريد أن يكون النشاط الديني مستقلا تماما عن النشاط السياسي. هذا أمر جيد للسياسيين، لأنهم لن يكونوا مستقبلا متهمين بتوظيف الدين لأهداف سياسية، وهو جيد أيضا للدين، حتى لا يكون رهن السياسة وموظفا من قبل السياسيين". فيما، تباينت ردود أفعال الأحزاب التونسية تجاه هذه التغيرات، حيث أكدت أحزاب ومسئولون، على رأسهم الرئيس التونسي باجي قائد السبسي، أن حركة النهضة أصبحت مدنية، لا تحتكر الحديث باسم الدين، وأن النهضة استفاد من تجربة الإخوان المسلمين في مصر، ونجح في تشكيل صورة جديدة عن نفسه. في المقابل هناك أحزاب معارضة علمانية تونسية لا تثق، في تغييرات الغنوشي، مؤكدين أن الحركة، لن تتنازل أبدا عن مبادئها ومرجعيتها، معتبرين الحركة جزءا أصيلا من "جماعة الإخوان المسلمين"، في حين تنفي النهضة ذلك بإستمرار، وتقول إنها حزب تونسي ذو مرجعية إسلامية.
وقبل المؤتمر العاشر بأيام، خرجت رسالة منسوبة للغنوشي، تؤكد رغبته في الانفصال، بالقول إن الانفصال بين الحركة والجماعة بات قريبا. ودار أغلب الخطاب المنسوب إليه حول أن الحركة، ستنفصل نهائيا عن التنظيم الدولي للإخوان. بيد أن هذه الرسالة بعد تدوالها بشكل واسع محليا وخارجيا، نفاها مكتب الغنوشي جملة وتفصيلا. وثمة من يشككون في السيناريو الذي تضعه النهضة التونسية، بتحولها إلى حزب سياسي، ويرون أن فك الارتباط بين الحركة والجماعة، ليس بالأمر السهل، فالعلاقة بين الطرفين معقدة، وتحكمها بيعة مقدسة، ما يجعل خروج النهضة من التنظيم الدولي للإخوان عملية معقدة وغير واردة أصلا. واستندوا، إلى أنه ليس هناك مؤشرات حقيقية على الأرض، تؤكد أن النهضة قطعت صلاتها الفكرية والتنظيمة بالإخوان، بل إن أغلب الشواهد تؤكد أن العلاقة متجذرة بين الجانبين، وأرجع هؤلاء السبب الأكبر لهذه التحولات، إلى أن جماعة الإخوان، أصبحت محل ملاحقة من دول عربية وأوروبية.
كما أن النهضة، تنظر بعين المستقبل على الانتخابات المحلية، فبعد رفض جزء ليس بالقليل داخل حزب "نداء تونس"، الترشح في قوائم مشتركة مع "النهضة" في الانتخابات البلدية، مستندين إلى توجهاتها وأيدلوجياتها المختلفة عن "النداء"، ما يجعل النهضة تواجه صعوبات في الحصول على مقاعد في هذه الانتخابات، لذا تحاول التنصل من الإخوان بالإشارات الجديدة التي جاءت في برنامج المؤتمر العاشر، لكسب التحالف مع "النداء"، وكسب ثقة الشعب مرة أخرى.


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار

رابط دائم: