رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الدين والسياسة في مكتبة الاسكندرية

العلاقة بين الدين والسياسة قضية إشكالية جدلية، دارت حول تحديد طبيعتها، ورسم دوائر الاتصال وحدود التمييز والانفصال بينهما، سجالات فكرية ساخنة، بين جمهورالإسلاميين وخصومهم الفكريين، فالمستقر في تصورات الإسلاميين، اعتبار السياسة جزءا من الدين، وأن الإسلام دين ودولة، بينما تقوم مقولة العلمانية المركزية، على ضرورة الفصل بين الدين والسياسة. وحينما تُثار هذه القضية، تُستدعى على الفور أطروحة الشيخ الأزهري علي عبد الرازق، الجاهرة بأن الإسلام "رسالة لا حكم ودين لا دولة"، وذلك في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" الصادر في القاهرة سنة 1926.

ولكن أين تقع السياسة في التصور الإسلامي بحسب القراءات الإسلامية المعاصرة؟ يرى الدكتور صلاح الخالدي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة العلوم الإسلامية في الأردن، أن الإسلام بشموله جاء ليعالج كافة شؤون الدنيا، والسياسة جزء هام منها، ولا بد للإسلام أن يكون له منهجه وتوجيهاته في الشأن السياسي، وأن ما نطلق عليه النظام السياسي في الإسلام، هو لبيان توجيهاته في هذا الشأن، كما هو الحال في النظام الاجتماعي والاقتصادي وما إلى ذلك.
في هذا الشأن، صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، العدد الثلاثون من سلسلة "مراصد"، والتي تضم دراسة مهمة جدا بعنوان "السياسة والدين: مسارات مختلفة وسياقات متباينة"، تأليف الدكتورعبد السلام طويل رئيس تحرير مجلة "الإحياء" وأستاذ زائر بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس السويسي بالمغرب.
ويرى الكاتب، أن الطابع المدني للخبرة التاريخية الإسلامية وللإسلام نفسه، هو الذي ساعد على تجدره في المجتمع وجعله شديد الارتباط والتماهي مع ما نطلق عليه اليوم المجتمع المدني، ولعل السرفي حيوية الإسلام وتجدده التاريخي، رغم كل ما تعرض له من أزمات، تكمن أساسا في طبيعته المدنية، ذلك أن غياب السلطان الديني في الإسلام، كان يعنى وما يزال، عدم إمكانية استهلاكه من قبل أية سلطة زمنية استهلاكا نهائيا أومشروعا، كما أن "قدرة العقيدة على أن تستوعب قيم النظام وقيم المقاومة والثورة معا هي الضمانة لاستمرارها، بقدر تأمينها لشروط تجديد النظام واستمراره. ومن هنا هذه الخاصية التي تجعل من مصير الإسلام، كدين ومركز تضامن جمعي، لا يتأثر كثيرا بسوء الاستخدام الذي يتعرض له من قبل معتنقيه السياسيين، حيث يبقى قادرا على إحياء نفسه واسترجاع مصداقيته الاجتماعية بإستمرار.
وفي المحصلة النهائية، يخلص الكاتب إلى أن جوهر حل مشكلة العلاقة بين الدين والدولة، يتوقف على النظر إلى الرأسمال الديني بإعتباره رأسمالا مشاعا ومشتركا لا يحق لأي فريق أن يحتكره أو يصادره، كما لا يحق لأي كائن أن يزدريه أو يعمل على إقصائه من حياة الناس، كما يتوقف على التوافق والإجماع على مرجعية جامعة، مثلما يتوقف على النجاح في بلورة قاعدة ثابتة وواضحة لتوزيع السلطات الاجتماعية بما في ذلك السلطة الدينية. علما أن توزيع السلطات هو التعبيرعن توزيع المهام والمسؤوليات في تسيير وتكوين النظام الاجتماعي، وهو بالتالي أساس هذا النظام وبدونه لا يمكن أن يعيش المجتمع، إلا في حالة التخبط والصدام الدائم بين الصلاحيات والسلطات المتعددة.


لمزيد من مقالات ابراهيم النجار

رابط دائم: