رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
فقد ابتعد الأزهر عن أفريقيا عقودا طويلة، واقتصرت علاقته بها بسياسة إيفاد مبعوثين إلى بعض الدول، واستقبال دارسين فى جامعته، وهى سياسة لم تجد نفعا فى نشر الإسلام الوسطى ومحاربة الفكر التكفيرى فى القارة السمراء كما هو واضح أمامنا الآن على أرض الواقع. فى نيجيريا، ظهرت بوكو حرام فى عام 2009 كحركة متطرفة حاربت التعليم الأجنبى ودعت لتطبيق الشريعة فى البداية، قبل أن تتحول إلى جماعة إرهابية تخوض حربا مسلحة ضد السلطات النيجيرية. ورغم القضاء على زعيمها الأول محمد يوسف سريعا، فإن قوة الجماعة لم تتراجع فى عهد زعيمها الحالى أبو بكر شيكو، بل أصبح لها امتداد خطير فى الدول المجاورة لنيجيريا مثل الكاميرون وتشاد والنيجر. وفى الصومال، خرجت من رحم اللادولة حركة الشباب الإسلامية المتطرفة التى نفذت عدة عمليات إرهابية خطيرة فى الصومال ودول مجاورة أيضا على رأسها كينيا. وفى مالي، ظهرت جماعات إسلامية متطرفة عديدة جميعها يتبنى الفكر التكفيري، وفكر القاعدة، وأبرزها جماعة «أنصار الدين» وجماعة «الجهاد والتوحيد»، وساعد على ظهورها انشغال وإرهاق القوات الحكومية فى محاربة الطوارق فى الشمال. وفى شمال أفريقيا، ظهرت جماعة “تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي” التي نفذت الكثير من العمليات المسلحة ضد مواقع عسكرية وأمنية، وحظيت بشهرة عالمية بسبب تخصصها فى جرائم خطف الأجانب. بالتأكيد، هناك عوامل أخرى غير تقصير الأزهر وراء ظهور هذه الجماعات، فحركة بوكو حرام تحديدا نشأت فى كنف معاناة المناطق التى يقطنها سكان مسلمين من التهميش والأوضاع الاقتصادية الصعبة، ولهذا، رفعت راية تطبيق الشريعة. ومما زاد من قوة الجماعة أن الغرب تجاهل مطالب الحكومة النيجيرية على مدى السنوات الماضية بالتعاون معها فى مواجهة الإرهاب، ولعلنا نذكر زيارة الرئيس النيجيرى محمد بخارى لواشنطن العام الماضي، والتى عاد منها بخفى حنين دون الحصول على أى مساعدات، بدعوى اعتراض أمريكا على انتهاك الجيش النيجيرى لحقوق الإنسان! صحيح أن الموقف الأمريكى تحسن منذ أيام فقط بصفقة طائرات حربية صغيرة لنيجيريا، ولكن هذه المساعدات جاءت بعد أن صارت بوكو حرام جماعة إقليمية لا محلية، وبخاصة بعد مبايعة أبو بكر شيكو لزعيم داعش أبو بكر البغدادي، وتوارد أنباء ومعلومات عن توافد مقاتلين من بوكو حرام على ليبيا لمساندة داعش فى حربه الحالية، وبخاصة فى سرت، ولإفشال اتفاق فيينا، ومن ثم تهديد الحدود الغربية لمصر، «الكعكة الكبيرة»، وفى الوقت نفسه، تخفيف الضغط عن داعش الأم فى سوريا والعراق. مسلمو نيجيريا وأفريقيا إذن فى حاجة إلى وجود قوى وليس رمزيا للأزهر وشيخه، فالفارق كبير بين الإسلام الحقيقى وإسلام «شيكو»، و«التسريب» من «حنفية» المجاهدين الذين يتم تجنيدهم فى صفوف بوكو حرام يوميا تحت شعار نصرة الإسلام لا يتوقف، وهو نفس ما فعلته طالبان والقاعدة فى أفغانستان، وداعش فى سوريا والعراق، وأخيرا ليبيا، ومن وراء هؤلاء جميعا تقف كلمة السر، وهى «الفوضى» و»غياب الدولة»، وأضف إلى ذلك غياب الأزهر! وتحركات الأزهر الآن لا تقل أهمية عن تحركات الدبلوماسية المصرية لإنقاذ ليبيا. وقدر مصر الآن أنها محاطة بأشباه دول، بل ومن بيننا أيضا من لا يريدنا أن نكون دولة! .. تحرك يا مولانا!! لمزيد من مقالات هـانى عسل