رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
قالوا عنه ما قالوا، وتحدثوا عن بطش نظامه وقمعه وسلطويته وضعف قراراته وفشل مشروعاته وعدم كفاءة مستشاريه وإخفاق وزرائه ومحافظيه، وفساد كبار وصغار المسئولين من حوله، وصوروا سلطاته الأمنية على أنها كائن متوحش يعتقل المصريين والأجانب في الشوارع “عمال على بطال”، وربما اتهموها لاحقا بأكل لحوم البشر، وغاب عنهم أن الحاكم الديكتاتور لا يسمح أصلا بانتقاده ولا بانتقاد رجاله ونظامه ومؤسساته أو الإساءة إليهم بالحق والباطل ليل نهار! لو كان السيسي ديكتاتورا لما سمح بأحد أن يتكلم بكلمة نقد واحدة ضد حكمه وحكومته كما يفعل أي ديكتاتور، ولا بمناقشة قراراته من قريب أو من بعيد في وسائل الإعلام، بل ولربما فرض قيودا على مواقع الإنترنت، أو أغلق مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية التي اعتادت على بث المعلومات الكاذبة والتقارير المعادية للدولة! لو كان السيسي ديكتاتورا، لأصدر في العامين الماضيين قرارا بإغلاق صحيفتين يوميتين على الأقل، وقرارا آخر بإيقاف 5 برامج توك شو على الفضائيات، بل وربما قرارا ثالثا بإنهاء إرسال القنوات التليفزيونية العامة والخاصة قبل العاشرة مساء لوقف حفلات «الهري» و«الهراء» اليومية التي تقام تحت اسم حرية الإعلام وحق الشعب في معرفة الحقيقة! لو كان ديكتاتورا لما طلب لقاء هذا أو ذاك، ولما استمع إلى منتقديه ومعارضيه، ولما اهتم بالرد عليهم، بل ولما عرض الرحيل عن السلطة كما فعل ذات يوم! لو كان ديكتاتورا لما سمح بكل هذه البذاءات والتطاول عليه وعلى مصر كلها عبر فيسبوك وتويتر ويوتيوب التي أصبحت للأسف مواقع “محتلة” من الإخوان والنشطاء، الذين انتقلوا من مرحلة نشر الشائعات إلى مرحلة نشر الأخبار الملعوب في أساسها، وتسير من ورائهم جحافل «التشيير» التي يستحق أصحابها جائزة نوبل في السذاجة! لو كان ديكتاتورا لسحق الإرهاب في أقل من أسبوع في معاقله بضربات شرسة وإجراءات استثنائية ومحاكمات عسكرية عاجلة دون النظر إلى أرواح المدنيين أو إلى أي من تقارير المنظمات الحقوقية المأجورة وكتاب المقالات ماركة «كل يوم بحال» ومقدمي برامج «توك شو» ذوي المليون وجه، ومعهم ضيوفهم من الخبراء والنخب والمثقفين الذين لا يساوي الواحد منهم أحيانا «3 تعريفة» في سوق السياسة أو الإعلام، وشعبيته لا تتعدى عدد الجالسين معه على المقهى! جاء السيسي إلى الحكم في ظرف استثنائي، واستدعي لقيادة بلد في قلب منطقة تمر بظروف غير طبيعية، ورغم انتقالنا من مرحلة حراسة بيوتنا بالشوم إلى مرحلة الأمل والعمل، فإن كثيرين في الداخل والخارج يصرون على أن تبقى مصر رهن الظروف الاستثنائية للأبد، بدليل شعار “الثورة” الذي تحول إلى «لبانة» في فم البعض، ويرددونه ثلاث مرات يوميا، قبل الأكل وبعده، كي لا ينسوا أيام كانوا نجوما وأبطالا! منذ تولي السيسي الرئاسة وهو يحاول أن يشرح لنا ما يحدث، ويلفت انتباهنا لما يجري حولنا، وأمامنا «على السبورة» خرائط السودان والعراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان، ولكننا لا نسمع، ولا نفهم، ولا نقتنع، ولا نقبل الصبر ولا المعاناة ولا مواجهة أي مشكلة، بل نصر على أنانية وانتهازية لم يتعامل بها شعب مع وطنه من قبل على مر التاريخ! لم يجد كلام السيسي عن المؤامرات والمخططات سوى كل استخفاف واستهتار من أولئك الذين يعتبرون كلامه مجرد وسيلة للبقاء في السلطة وتشديد القبضة الأمنية، مع إن حقائق الأمور تقول لنا بوضوح إن 99% مما يحدث على الأرض في مصر ليس صدفة على الإطلاق، وأن من ينكر وجود مؤامرة على مصر والمنطقة إما ساذج، أو جاهل، أو شريك في هذه المؤامرة وجزء منها، ربما دون أن يدري! لو كان السيسي ديكتاتورا لتصرف كديكتاتور بحق، وليس كحاكم ديمقراطي منتخب يحترم الدستور والقانون والمؤسسات وأحكام القضاء ويقدر النقد البناء، ولكنه اختار منذ اللحظة الأولى ألا يكون كذلك، وسيظل كذلك، ولهذا، افتضح كذب وغباء من يتطاولون عليه الآن أو من انقلبوا عليه طلبا للشهرة، ويبقى هو حتى الآن أكثر رجولة وشرفا واحتراما و«ديمقراطية» منهم جميعا! .. آه لو كان السيسي ديكتاتورا!! لمزيد من مقالات هـانى عسل