قل ما شئت عن الحب، واختلف أو اتفق عن كيفية الاحتفال به، فالحب إذا انتهى إلى غاية شريفة ولم يصاحبه محرم فلا بـأس به.. لكن لا تنسب حديث للنبي عن أن العشق، أعلى درجات الحب، يوصلك لمرتبة الشهيد!!
هذا ما أخبرنا به الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، من أن حب الرجل للمرأة درجات حتى يصل إلى مرحلة العشق، فمن عشق وكتم حبه ثم مات أصبح شهيداً.. وذلك خلال حواره في أحد البرامج التليفزيونية، وزاد: إن ظاهرة العشق كانت نادرة الوجود فى العصور الأولى، فالله عز وجل لم يحرّم العشق على ابن آدم بشرط ألا يقع فى المحرمات. وأشار إلى حديث نسبه إلى النبى صلى الله عليه وسلم: "من عشق وكتم وعف ومات فهو من الشهداء".
استغربت جداً من ذلك الحديث، وللوهلة الأولى لم أتصور أن يكون هذا الحديث من كلام النبي، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بمنزلة الصديقين، ولها شروط في حصولها، ليس العشق واحداً منها، ثم إن العشق منه حلال ومنه حرام، فكيف يُظنّ بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يحكم على (كل عاشق) يكتم ويعف بأنه شهيد!!
وبالفعل بدأت في رحلة البحث عن حقيقة سند الحديث، فوجدت أنه حديث موضوع، وقد نعى ابن القيم على من نسب هذا الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر أن لفظ العشق لم يحفظ عنه فى حديث صحيح.
والثابت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يحب زوجاته، ويخص السيدة عائشة بنصيب أوفر من الحب، فقد روى عن ذلك: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أبو داود.
ربما أراد الشيخ جمعة أن يدحض آراء بعض شيوخ السلفيين، الذين أصدروا فتاوى بتحريم الاحتفال بعيد الحب، بل وتكفير كل من يحتفل به، فأتى بهذا الحديث، من باب المخالفة لهم. أو ربما تأثر بغناء العندليب الفنان عبدالحليم حافظ في مقطع أغنيته الشهيرة (قارئة الفنجان): يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداءً للمحبوب!!
وإذا كان العشق يوصلني لدرجة الشهيد، فأوجه تساؤلاً للشيخ جمعة: يا مولانا أنا أعشق اللحم البقري، وكتمت عشقي؛ لأني لا أستطيع شراءه، فهل أصبح شهيداً إذا متّ قبل أن آكل منه؟!
لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة رابط دائم: