رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
لم يكن «فيلم» التناول الإعلامي لحادثة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني سوى محاولة واضحة لضرب العلاقات المصرية الإيطالية في مقتل، بنفس التكتيك الذي سبق تنفيذه للوقيعة بين مصر وروسيا، وبين مصر وبريطانيا، ومن قبل ذلك بين مصر والسعودية. حادث سقوط - أو إسقاط - الطائرة الروسية في سيناء وسحب السائحين الروس من مصر كان «قرصة أذن» للتقارب المصري الروسي سياسيا وعسكريا واقتصاديا على حساب أطراف أخرى، و«كارت إرهاب» مواز لروسيا بعد تدخلها في سوريا، والذي جاء على حساب الأطراف نفسها، صدفة، أليس كذلك؟! وأزمة ترحيل السائحين البريطانيين من مصر بعد فيديو المطار المسرب جاءت لضرب الاقتصاد المصري وعلاقات القاهرة ولندن في مقتل قبل ساعات، أو ربما دقائق، من توقيع صفقات تجارية ضخمة بين الجانبين، ولـ «تخويف» الحكومة البريطانية من التعامل مع الحكومة المصرية الحالية، صدفة أيضا؟! وقبل ذلك، كانت هناك محاولات عديدة للوقيعة بين القاهرة والرياض، بحكم أن السعودية كانت الداعم الأقوى لثورة 30 يونيو، وتزامنت هذه المحاولات الفاشلة مع تصاعد ملحوظ في الضربات الإرهابية والأحداث الطائفية في المملكة، وهذه بالتأكيد ليست مصادفة أيضا! أما مقتل الشاب الإيطالي بهذه الطريقة وهذه الملابسات وفي هذا التوقيت وأسلوب التعامل الإعلامي مع الحادث استنادا إلى معلومات مريبة متدفقة من جانب واحد مجهول اسمه «مصدر أمني» منذ اللحظة الأولى، فكلها أيضا محاولات واضحة ومكشوفة لضرب التنسيق المصري الإيطالي بشأن ليبيا في توقيت متزامن مع تحركات داعش هناك بعد هروب معظم قياداته من سوريا والعراق، علما بأن إيطاليا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي أبدت استعدادها للتدخل العسكري ضد داعش في ليبيا، بشرط أن يتم ذلك بقرار دولى. وكان الحادث نفسه، أو بالأحرى «الفيلم» الإعلامي المرتبط به، محاولة واضحة لمعاقبة الشركات الإيطالية على صفقاتها الاستثمارية الضخمة في مصر، وربما يكون ما حدث أيضا له علاقة بحرب الشركات، يعني بصراحة خطة لإبعاد شركة «إيني» الإيطالية عن صفقة حقل «ظهر» العملاق للغاز الطبيعي في البحر المتوسط! المسألة لا علاقة لها بما حدث للشاب الإيطالي، فسواء كان مقتله لأسباب سياسية أو جنائية، فهو بالتأكيد ليس أول إنسان على وجه الأرض يتعرض للقتل خارج بلده، ولكن كان هناك افتعال واضح في “تضخيم” الأزمة على مستوى الإعلام الأجنبي، بفضل المعلومات المتدفقة من المصادر المجهولة إياها، وهي نفس المصادر التي تروج لفكرة وجود داعش في مصر، وتسارع بنشر بيانات التنظيم بعد أي عملية إرهابية بدقائق، وهي التي تحدثت من قبل عن مقتل 60 و70 جنديا مصريا في معركة 5 يوليو الشهيرة في الشيخ زويد، وهي أيضا التي تصور مصر على أنها دولة وحشية قمعية فاشلة، وتتحدث يوميا عن قمع من يسمون بـ «الثوار» أو «الشباب»، وعن اختفاء المصريين قسريا، ووصل الأمر لدرجة ترويج معلومة تقول إن مصر بها أكثر من 40 ألف معتقل سياسي منذ 30 يونيو 2013، فهل في مصر معتقلون أو حتى سياسيين بهذا العدد أصلا؟! في جريمة مقتل ريجيني، ظهرت فرضية وجود «آثار تعذيب»، وليس «آثار عنف»، على الجثة، نقلا عن «المصدر المجهول» نفسه، بعد دقائق من العثور على جثة الشاب، وكأن هذا المصدر «أشطر» من وزارة الداخلية وجهات التحقيق المصرية والإيطالية معا، ولكن ما حدث أن الإعلام روج للفكرة، مثلما روج لقصة «القنبلة» في حادث الطائرة الروسية، وما هي إلا ساعات قليلة، حتى أصبحت فرضية «التعذيب» هي السائدة في الإعلام الإيطالي، والعالمي أيضا، وبهذا، تم المطلوب، وحدثت الوقيعة وانتهى الأمر، حتى وإن أظهرت التحقيقات أى نتيجة أخرى، والآن، علينا أن نتحسب لمؤامرات وقيعة مماثلة مع أصدقاء آخرين! أخيرا : لم تكن هتافات الواقفين أمام السفارة الإيطالية «مجرد وقاحة»، ولم يكن افتعال موضوع السجادة الحمراء أيضا «مجرد هيافة»، ولم تكن عودة «الألتراس» الآن «مجرد صدفة»، إنما كلها لقطات سريعة جدا في فيلم سينمائي طويل، نعرف تماما متى وكيف بدأ، ولكن لا نعرف كيف سينتهى! لمزيد من مقالات هـانى عسل