رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قبل أن نبكى على «أشلاء» الدولة

فى صراع البقاء، لابد من منتصر. ومصر الآن فى صراع بقاء، صراع حياة أو موت، إما دولة أو لا دولة، أو أشلاء دولة، قانون أو لا قانون، مصر أو لا مصر، والصراع لم يُحسم بعد، وآن الأوان لأن يحسم.

لم يعد مقبولا أن تبقى الأمور مفتوحة هكذا على مصراعيها، أزمات وكوارث وتجاوزات لا تنتهي، ودولة غير قادرة على حل مشكلاتها، ولا على تلبية أهم مطلب شعبي، وهو «الدولة القوية». لم يعد أمامنا إلا الحسم والحزم وتغليب كفة الحق والعدل وسيادة القانون لحل أى مشكلة، فقد مللنا الأيدى المرتعشة، والنخبة المرتعدة، والمسئولين المترددين، وطلبات «الحوار المجتمعي» و«النقاش العام» و«الشفافية»، واستبيحت بلادنا بالحجج والمبررات، مرة حرية التعبير، ومرة حقوق الإنسان، ومرة نقول «معلش»، ومرة «غلابة»، ومرة «قلة منحرفة»، ومرة نرتعد ونخشى «غضب الشباب»، والنتيجة صفر قانون .. وصفر حقوق .. وصفر عدل .. وكل ما أرجوه ألا نصل يوما ما إلى «صفر دولة»!

ارجعوا للتاريخ، وتذكروا جيدا أننا تركنا أزمة الميكروباص - مثلا - لسنوات طويلة حتى استفحلت، وبات سائق الميكروباص الآن أقوى من أى ضابط مرور، وغير قابل للردع ولا الإصلاح. تذكروا أيضا كيف تغاضينا عن التوك توك عند ظهوره، إلى أن أصبحت مدننا الكبرى شبيهة بـ«السيرك» الذى لا نراه حتى فى مدن الدرجة العاشرة على مستوى العالم!

غضضنا الطرف عن البناء على الأراضى الزراعية، حتى تحولت دلتا النيل إلى كتل خرسانية، ثم استوردنا الخضراوات والفواكه “البلاستيك” بالمليارات من الخارج، وتوجهنا لزراعة الصحراء، فتحولت مصر من “هبة النيل” إلى هبة «الأسمنت» و«هبة الفوضى»!

شكونا من الدروس الخصوصية، ومن تراجع دور المدرسة، وأطيح بأكثر من عشرة وزراء تعليم فكروا - مجرد التفكير - فى القضاء على هذه الظاهرة، وكانت النتيجة تخريج أجيال كاملة ومتعاقبة بلا تعليم ولا دين ولا أخلاق، لديها استعداد تام لتدمير البلد وتسليمها للأجانب!

شكونا من العملاء والنشطاء المأجورين الذين خربوا ودمروا وحرقوا، وطالبنا بمحاسبتهم على إهانة المؤسسات وبسحب الجنسية منهم، فدافعت عنهم مافيا الكائنات الحقوقية والفضائية «السمجة»، إلى أن أصبح التطاول على مصر ومؤسساتها وسيلة سهلة للشهرة والنجومية وارتداء ثوب النضال والتنوير وتفريغ «العُقد» فى المجتمع!

انتقدنا بطء إجراءات التقاضى فى قضايا الإرهاب، وصرخ أهالى شهدائنا من الجيش والشرطة مرارا من ألاعيب فرق دفاع المتهمين، ولكن قامت الدنيا ولم تقعد ضد وزير العدل عندما حاول تعديل قانون الإجراءات الجنائية لجعل الاستماع للشهود جوازيا للمحكمة، منعا لإطالة أمد القضية، واتهموه بـ «تجاوز اختصاصاته»!

غضبنا للتطاول على الدولة ومؤسساتها، وعندما تبجح اثنان من عديمى الأخلاق على الشرطة فى يوم عيدها، لم يحاسبهما أحد عليهما، بدعوى أنهما «لسة عيال»،.

أعربنا عن استيائنا مرارا من رداءة الإعلام، ومن تفشى السب والقذف والتجاوزات، ومن تداول المعلومات الخاطئة، ونشر الشائعات، والتحريض على العنف، وافتعال الصدام مع مؤسسات الدولة و«الفرعنة» عليها وعلى المسئولين، وعندما علت الأصوات المطالبة بإنهاء هذا التسيب، تذرعوا بـ”حرية الصحافة”، وهم أبعد ما يكونون عن الحرية وعن الصحافة!

تركنا الشباب عبيدا لمواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن أصبح النت هو الأب والأم والمعلم، وخرج لنا جيل ضائع يرى الشتيمة والبذاءة «حرية رأي»، ويعتبر حمل السلاح مجرد «خلاف فى وجهات النظر»، ولم يكن قدوته فى السنوات العشر الأخيرة إلا إرهابى أو مدمن مخدرات أو خائن أو تافه أو متظاهر بأجر أو ممثل درجة ثالثة أو لاعب كرة شبه أمي! أما الألتراس، فقد «قرفنا» من تصرفاتهم كرويا وسياسيا واجتماعيا، وقلنا بدل المرة مليون مرة إن «البتر» هو الحل الوحيد للقضاء على هؤلاء كما حدث مع «هوليجانز» إنجلترا وبدلا من التطبيق الصارم لحكم القضاء بحظر هذه المجموعات، تركناهم حتى صاروا «ألوية حمراء» تدافع عنهم فرقة المطبلاتية صاحبة أنشودة «الشباب» المعتادة، ولا أعتقد أن «طول بال» الرئيس سيأتى معهم بنتيجة، لأنهم لا يعترفون بالدولة أصلا، بل ويعتبرونها “عدوا”! فلنطبق القانون بحزم وقوة، ومن يرفض الأخلاق طواعية، تُفرض عليه فرضا.

كفانا «طبطبة» ومبررات وأنصاف حلول، ولنتعلم مما مضى، قبل أن تنقرض الدولة، ولا نجد حتى أشلاء نبكى عليها!

لمزيد من مقالات هـانى عسل

رابط دائم: