رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

نحن والصين .. و«الفرنجة»!

بمناسبة زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج لمصر هذه الأيام، يحكى أن رئيس «دولة ما» زار الصين منذ سنوات، وسأل مضيفيه مندهشا : «ويحكم .. كيف تستطيعون إطعام مليار فم»؟ .. فأجابه الصينيون بهدوء وثقة : «أنت مخطيء يا سيدى .. لماذا لا تقل إن لدينا أكثر من مليارى ذراع تعمل»؟!

ولأن الصين بها مليارا ذراع تعمل، أو تحديدا 3 مليارات ذراع، لأن عدد سكانها الآن 1٫3 مليار نسمة، فقد أصبح شعبها هو بالفعل مصدر قوتها السياسية والاقتصادية، وليس عبئا عليها، وبفضله باتت الصين على ما هى عليه الآن، «بعبعا» لأمريكا، ولكل الكبار، وصاحبة ثانى أقوى اقتصاد فى العالم، وعضو رائد فى مجموعة العشرين وكتلة «بريكس»، وصاحبة 3٫3 تريليون دولار من احتياطى النقد الأجنبي.

فى العاصمة بكين، تقتنع تمام الاقتناع بأن هذه المدينة هى الأكثر نظافة ونظاما وانضباطا بين مدن العالم رغم ازدحامها الشديد، ولن نتحدث عن شنجهاى أو هونج كونج أو مكاو، فالأقوى من الزحام فى يكين هو الالتزام الرهيب بالقوانين، والوجود الأمنى الكثيف فى كل الشوارع والميادين، وانتشار فرق المتطوعين التى تشارك فى تنظيم المرور وعبور المشاة وسير الدراجات، وغيرها.

وفى الطرق السريعة التى تنقلك من بكين إلى باقى المدن، تصل إلى نتيجة أيضا مفادها أن الصين لديها أفضل شبكات الطرق فى العالم، وتتأكد من ذلك عندما تعلم أن شبكة الطرق السريعة الصينية الهائلة تعد واحدة من أهم أسباب النهضة الصناعية فى الصين، وأنها، بجانب خطوط السكك الحديدية طبعا، العمود الفقرى الحقيقى للاقتصاد الوطني.

وفى الريف، أول ما تقع عليه عيناك أن من يقوم بالزراعة هم النساء، وعندما تسأل عن الرجال، يقولون لك «إنهم مشغولون بالعمل فى المدن»، وأن النساء يقمن بالمهمة!

وفى المناطق الصحراوية النائية، يوجد فقر بطبيعة الحال، ولكن نادرا أن تسمع عن فقير يجد فى فقره مبررا للخروج عن القانون، أو ينظر إلى من هو أغنى منه بحقد وكراهية، كل امريء «فى حاله»، والدولة تقاوم الفساد على كافة المستويات، ولا ترحم أحدا، وقبل عام تقريبا، أطلق الرئيس «شي» حملته الشهيرة للقضاء على الفاسدين فى كل المستويات، أو حملة «النمور» و«الذباب»، وفى هذه الحملة، لا يسقط النمور وحدهم، ولكن الذباب أيضا يسقط!

فى الصين تتأكد من «سذاجة» التقارير الإعلامية الغربية التى تلح على أن الصينيين يتجرعون العذاب يوميا لافتقادهم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فالموضوع لا يشغل بال الصينيين أصلا، فهم مقتنعون بأن بلادهم لها خصوصية تاريخية وحضارية واقتصادية وسكانية، ولهذا يجب أن يكون لهم نظامهم السياسى والاقتصادى الخاص، بل وحتى الإعلام الحديث الخاص بهم، فلا يوجد فيسبوك فى الصين، ولكن يوجد موقع أضخم منه، بل ولديهم بدائل صينية عملاقة أيضا ليوتيوب وجوجل وتويتر، اقتناعا منهم بأن هذه المواقع الغربية ما هى إلا مواقع تجسس، ولكن إعلام «الفرنجة» الذى ننبهر به يصورها على أنها الماء والهواء!

فى الصين أيضا، تكتشف أن الصناعة المحلية متطورة إلى أقصى درجة، فمن السهل أن ترى الآن فى شوارع المدن الصينية أحدث موديلات السيارات الألمانية والفرنسية واليابانية الفارهة، وأحدث تقاليع الملابس الشبابية أيضا، فالمصانع الصينية تنتج كل شيء، ومنتجات أشهر الماركات العالمية يعاد إنتاجها فى الصين بمستويات جودة مختلفة، أما مشكلة السلع الصينية الرديئة التى تصل إلينا فى مصر، فسببها ليست الصين التى تملك قنبلة نووية ووصلت إلى الفضاء، وإنما فى المستوردين المصريين من عديمى الضمائر الذين يتعمدون «الاسترخاص» باستيراد أردأ أنواع المنتجات لتحقيق ربح مضاعف!

والآن .. ها قد جاءت الصين عندنا، وجاء «شي» على رأس وفد هائل من رجال الصناعة والاقتصاد .. فهل نغتنم الفرصة؟ على الأقل بـ «التقليد» بدلا من الاكتفاء بتقليد «الفرنجة»؟!

لمزيد من مقالات هـانى عسل

رابط دائم: