رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حكايات من اوراق قديمة
مبني الأهرام بالإسكندرية‏..‏ مبني متعدد الجنسيات

أمل الجيار
المباني كالأشخاص‏..‏ ولكل مبني حكاية‏,‏ ووراء كل جدار قصة قد تكون سعيدة أو حزينة‏,‏ قصة نجاح أو فشل‏,‏

وهذه الحكايات هي التي تشكل وجدان وذكريات المباني, ولكل مبني طلة.. طلة قد تكون أنيقة أو رشيقة.. شابة أو هرمة, وطلة كل مبني لا تعتمد علي عمره المعماري بل علي الدور الذي لعبه في حياة مدينته.. فهناك مبان قامت وتهدمت ولم يشعر بها أحد ولم يخلدها ويسجل قصة حياتها مؤرخ, وهناك مبان أخري لها بصمات علي مدينتها, مبان تشكل علامات فارقة في وجدان المدن..
ومبني جريدة الأهرام الذي يقع في01 طريق الحرية في الإسكندرية من النوع الثاني, النوع الذي يولد فخما, أنيقا وشامخا ويعيش ليصبح علامة للمكان والشارع والحي الذي يوجد به وقد أحسن آل تقلا اختيار مقر جريدتهم التي ولدت عملاقة الأهرام والبداية كانت حينما تقدم اللبناني سليم تقلا الذي انتقل ليعيش في الإسكندرية بطلب الي الحكومة المصرية كتبه بخط اليد علي تذكرة رسمية ثمنها ثلاثة قروش يطلب فيها إنشاء جريدة عربية في مدينة الإسكندرية تحت أنظار الحكومة السنية مع اتباع القوانين التي تتعلق بالجرائد, وأضاف أن الجريدة الملتمس إنشاؤها سوف تحتوي علي التلغرافات والمواد التجارية والعلمية والزراعية والمحلية بدون أن تتدخل في الأمور البوليتيقية( السياسية) وأن المطبعة المقتضي طبع الجريدة بها كائنة بجهة المنشية تحت اسم مطبعة الأهرام ولذا فإن الجريدة المذكورة ستسمي بالأهرام, وبالفعل حصل سليم تقلا علي الموافقة في72 ديسمبر5781, واختار مقرا لجريدته عنوانا كتبه علي صدر العدد الأول بالشكل التالي شارع البورس( البورصة) بالإسكندرية أمام بنك الرهونات واستمر العمل في هذا المكتب حتي قامت الثورة العرابية وضرب الأسطول الإنجليزي المدينة وحرقها ودمر مكتب الجريدة ومطبعتها عام2881 وتعطل العمل بها لفترة ثم عاد آل تقلا لطباعة الجريدة في المطبعة المهدمة وتنقلوا بين عدة أماكن حتي استقروا في مبني بطريق الحرية بوسط المدينة ولهذا المبني حكاية يحكيها المهندس محمد عوض رئيس لجنة حماية التراث بالإسكندرية باعتبار أن مبني الأهرام وعنوانه01 طريق الحرية مسجل ضمن المباني الأثرية في مجلد حماية التراث بالمدينة منذ عام8002 فيقول: ان المبني يرجع تاريخ بنائه الي أعوام5881-7881 ويطلق عليه مبني قصر أجيون نسبة الي عائلة أجيون اليهودية التي كانت تمتلكه وهي عائلة يهودية ثرية كانت تعمل في مجال تجارة وتصدير القطن وكانت تمتلك العديد من العقارات والشركات والبنوك المصرفية وقد تعرضت عائلة أجيون هي الأخري للضرر بعد ضرب الإسكندرية في2881 فتهدمت بعض منشآتها ولكنها قاضت الحكومة واستطاعت الحصول علي تعويضات ضخمة مكنتها من بناء مبني جديد ليكون مقرا سكنيا لها( المقر الحالي للأهرام) واختارت له موقعا متفردا في شارع باب رشيد( اسم الشارع قديما) وعهدت بتصميم المبني الي المهندس الإيطالي البارز أنطوان لاشياك الذي عين فيما بعد مهندسا للقصور الخديوية في عهد الخديو توفيق وقد قام ببناء المبني علي الطراز الباروك الإيطالي والذي يتفرد بتشكيلاته من المفردات المعمارية مثل رؤوس الأفيال التي تحمل الكورنيش وأسقف المبني, وقد قام بتنفيذ المبني المقاول اليوناني البارز جورج زورو والذي عمل في إعادة إعمار المدينة مع لاشياك في معظم مبانيه التي امتلكتها الشركة العقارية المصرية في منطقة المنشية وشارع شريف باشا.. وبعد تأسيس الأهرام وضرب الإسكندرية بفترة تمكن الأخوة سليم وبشارة تقلا من شراء المبني من أسرة أجيون ليكون مقرا للجريدة وتم عمل بعض الديكورات بها وتركيب أبواب داخلية تحمل حليات من الحديد المشغول لشعار الأهرام وإعداد المبني ليكون مقرا للصحفيين, ويضيف المهندس عوض أن الأخوين تقلا قاما باستخدام الدور الأول وتأجير الجزء العلوي لشركة التأمين الأهلية( سيلفاستوبولوس) والتي انتقلت فيما بعد الي المبني المواجه للأهرام, كما قاموا بتأجير الدور الأرضي لأحد محلات الفراء العالمية الشهيرة في ذلك الوقت وهو محل( سيستوفاريس) والذي كان له أفرع في مدن أوروبية كثيرة مثل جنيف وباريس ولندن بالإضافة الي نيويورك حيث كان إرتداء الفراء هو أحد مظاهر الثراء لسيدات المجتمع السكندري, الجدير بالذكر أن أحد أبناء سيستوفاريس قد تزوج ابنة الممثل العالمي شارلي شابلن.. وقد تم مؤخرا والكلام مازال علي لسان عوض إضافة دور علوي أخر للمبني لا يتناسب مع طراز المبني الأصلي كما تم تأهيل الدور الأرضي في سبعينيات القرن الماضي ليتحول الي مكتبة للأهرام.. وهكذا ظل مبني جريدة الأهرام منارة ومركز إشعاع ثقافي وحضاري للمدينة منذ نشأته وحتي الآن فقد صممه مهندس عالمي إيطالي له بصمات معمارية متميزة في كل أنحاء العالم ونفذه مقاول يوناني قام بأغلب الأعمال الناجحة والمتميزة في المدينة وسكنته عائلة من أغني وأشهر العائلات اليهودية وشهد افتتاح أحد أشهر محلات الفراء العالمية وكانت ترتاده ابرز وأشهر سيدات المجتمع السكندري من كل الجنسيات ليصل في النهاية الي يد أعرق جريدة مصرية وعربية هي الأهرام.. حقا أن مبني الأهرام هو نموذج نادر لمبني يحمل حكايات وذكريات متعددة الجنسيات والحضارات والثقافات.. مبني يشع حرارة وثقافة وتوهجا.. والله علي الأهرام زمان والآن

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق