ورغم سوداوية هذا الفرض فإن التعامل معه أمر ضرورى، لاسيما وأنه الفرض الذى تعامل معه من قرروا وقف رحلاتهم إلى شرم الشيخ، لأن ردود الفعل كان مبالغا فيها لدرجة مستفزة، فلم تكن تلك الحادثة هى الأولى على مستوى العالم فقد سبقتها حوادث كثيرة، ففى 12 نوفمبر 2001 أى بعد شهرين تقريبا من فاجعة 11 سبتمبر، قتل ركاب الطائرة التابعة لـ «أمريكان أيرلاينز» البالغ عددهم 260 شخصا بالإضافة إلى 5 أشخاص على الأرض، بعد إقلاعها من مطار جون كيندى بنيويورك بقليل، و لم تفزع بريطانيا كما لم تسحب رعاياها أيضاً، وفى عام 2009 طائرة «أير فرانس» المقلعة من ريو دي جانيرو إلى باريس، اختفى أثرها في المحيط الأطلنطي، وبعد خمسة أيام على الحادث عثر على أولى جثث ضحايا الحادث الذى كان عددهم 228 شخصا، وبعد عامين من التحقيقات أعلنت السلطات الفرنسية أن الكارثة بسبب عطل بأجهزة الطائرة!
طريقة التعاطى مع حادث الطائرة الروسية يؤكد حالة التربص بمصر بغرض اضعافها و ضرب السياحة فى مقتل، باعتبارها احد مصادر الدخل القومى المهمة، ومن ناحية أخرى تصوير مدينة «شرم الشيخ» على وجه الخصوص أحد أجمل بقاع الأرض بأنها غير آمنة. وهى المدينة التى يتسابق لزيارتها السياح والروؤساء والملوك، منها زيارات معلنة وأخرى خاصة، لذلك توقيت ومكان الحادث خدم المغرضين الذين ملاؤو الدنيا صراخا وعويلا بضرورة توخى الحذر عند السفر لمصر، التى تقف ضد تقسيم سوريا، بؤرة صراع الكبار فى الشرق الأوسط، بعد أن رفضت الاستجابة لضغوط الغرب بالتخلى عن دعمها ، وجدوا أنه من اللازم الاصطياد فى الماء العكر، من خلال إظهار «العين الحمراء» ونسوا أو تناسوا أن المصريين تظهر قوتهم وقت المحن، فقد تعرضت مصر لأزمات كانت كفيلة بانهاكها لولا وجود جيشها القوى الذى زاد عن وطنه و شعبه فى ملحمة تاريخية أكدت أن المصريين جبابرة.
وهذا ما تؤكده حالة الاستنفار التى انتابت أهلنا من مختلف الفئات والطوائف، بعد أن انكشفت لهم الألعاب التى يقوم بها لوبى الإخوان الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل استعادة السلطة بأى ثمن حتى و لو على حساب سلامة الوطن، و هم فى هذا الإطار يتعاونون مع أطراف كثر إقليمية وغربية، لهدف واحد وهو زعزعة الاستقرار، و أصدقاء المصالح المشتركة يقدمون العون الكامل لإعادتهم للحياة مرة أخرى.
والدليل ما يفعله قيادات الإخوان الهاربين إلى قطر وتركيا وبريطانيا وأمريكا، يشنون حرباً هوجاء ضد مصر وجيشها، لأن عودتهم ستمكن أصدقاءهم من السيطرة على الشرق الأوسط وبسط يدهم بالكامل على المنطقة، والوصول إلى سيناء التى تمثل الحلم لدى الكيان الإسرائيلى، بعد أن خرج منها ذليلاً منكسراً، يتمنى أن يعود إليها شامخاً، ولكن بطريقة مغايرة عبر اتفاقات مباشرة مع سلطة تسمح له بتهجير فلسطينيى غزة إليها فى البداية، ومن ثم وضع اليد عليها فى مرحلة تالية، وهذه السطلة كانت الإخوان، فقد كشفت عن وجهها القبيح، وأكدت بأفعالها المشينة أن همها السلطة فقط من أجل تنفيذ أجندتهم الخاصة .
وفى المقابل إذا كان هذا التنظيم معنيا بمصر وأهلها، هل يجرؤ على تسليم كل الهاربين وإظهار حسن النوايا بكل الطرق مهما تكن تضحيات أعضائه، الإجابة لا.. لأن مصلحتهم تنظر إلى مصر باعتبارها جزءا من التنظيم و ليس العكس، لذا لا ضير من التضحية بمصالح هذا الجزء فى سبيل الحفاظ على باقى التنظيم الذى تتفق مصالحه مع مصالح الأعداء.
لذا يجب التعامل مع الغرب بنفس منطقه ، من خلال كشف زيف ادعائهم، ويتأتى ذلك من خلال:
أولاً: عمل ترويج سياحى عالمى بشكل جديد، من خلال إقامة حفلات غنائية لنجوم العالم على غرار حفلة (يانى) التى أقيمت فى أحضان الأهرامات، فى شرم الشيخ، والأقصر ، وأسوان، تتكفل الدولة برعايتها بالشكل الأمثل يواكبها حملة إعلانات كبيرة فى كل وسائل الاعلام العالمية، ويجب ألا ننسى نجوم العرب الكبار أصحاب الشعبية الطاغية، نجاح تلك الحفلات من شأنه إجهاض فكرة أن مصر غير آمنة، ووقتها لن تستطيع الدول المتشدقة بالديمقراطية منع رعاياها من الذهاب لمصر التى قال عنها الله سبحانه و تعالى فى كتابه الكريم ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
ثانياً: تنشيط السياحة الداخلية، بعمل عروض تمكن الكثير من المصريين اكتشاف بلدهم الجميل بنفقات فى متناول اليد، هذه الفكرة ستعوض الفجوة التى قد تحدث جراء الحملة المسعورة على مصر، و فى ذات الوقت ستكون فرصة لإنعاش السوق السياحية.
وأخيرا، كلما يعتقدون أن مخطط تفكيك مصر قارب على النجاح، يكتشفون وهمهم البالى، فحادثة الطائرة الروسية رفعت الأقنعة من فوق الوجوه، وظهرت الحقيقة وعرف الشعب من معه ومن عليه، وبات علينا التوحد خلف الرئيس الذى يحتاج لكل مصرى فى مواجهة التحديات.