وقفت الإسكندرية الجميلة تتمايل وتتدلل وهي تحكم ملايتها اللف حول جسدها.. سنيورة.. غندورة هي.. معتادة علي رياح الصباح وأمطار الشتاء ونوات السماء.. تعرف جيدا كيف تتحسس خطاها علي شاطئ البحر المتوسط.. تدرك جيدا تأثيرها وسحرها علي عشاقها الذين جلسوا تحت أقدامها يتغنون بجمالها وينتظرون سقوط أمطار شتائها حتي يشاهدوا حسنها وهي تطل عليهم بعد حمام العرس تنفض المياه عن شوارعها وحاراتها ومبانيها وقلعتها القديمة وضفائرها..
.............................................................................
. وبينما العروس تتمايل عشقا وغنجا أقبلت النوة الصليبة المحتالة المتنكرة المعروفة بأنها غير ممطرة.. كالطوفان تحمل سيولا من الأمطار والثلوج الغاضبة علي المدينة ولطمتها بقسوة أسقطتها علي الأرض وطاحت بها.. مزقت ثيابها.. فككت ضفائرها وأسالت الكحل علي وجهها وعاثت في شوارعها فسادا ولم تجد من يتصدي لها فقد هرب العشاق وتبين أن جمالها كان زائفا وأن العروس لم تكن الا عجوز متصابية فقدت جمالها وبهاءها ولم يعد باقيا منها الا ذكري.. نعم فقد كشفت النوة والأمطار الغزيرة غير المتوقعة الوجه القبيح للمدينة التي كانت عريقة وجميلة وشابة الي وقت ليس ببعيد, كشفت تهالك البنية التحتية لمدينة أحبها محمد علي باشا وأنشأ فيها ميدان يعد من أجمل وأهم ميادين العالم( ميدان القناصل أو المنشية) ورعاها الخديو إسماعيل وأشرف علي تخطيط شوارعها بدقة هندسية ودعم بنيتها التحتية من كهرباء ومياه وشوارع, ثم جاء الأجانب من إيطاليين وفرنسيين وبنوا فيها بنايات وقصور وفيلات تمثل نماذج رائعة للفن الحديث والعمارة الجميلة وللأسف مات الأجداد فلم تجد المدينة من يرعاها ولم تمتد اليها يد الصيانة وتراكمت عليها المشاكل حتي فضحتها النوة.
أين ذهب جليمونوبولو وستانلي؟
والمشكلة كما يقول الآثري أحمد عبد الفتاح عاشق المدينة القديمة ليست في تراكم المياه داخل الشوارع والبيوت والجاراجات, ولا في المناظر الهزلية التي شهدتها المدينة علي مدار اليومين الماضيين بعد سقوط الأمطار والثلوج, ليست فقط في كل الحوادث المؤلمة التي راح ضحيتها أشخاص أبرياء, ولكن المشكلة أن المدينة فقدت بهاءها وسحرها وفقد سكانها حماسهم وحبهم لها فتساوت كل الأشياء, وطغت المادة علي الجمال فتسارع الجميع لهدم كل ما هو جميل ليحل محله القبح.. فسقطت الفيلات الأنيقة مثل أجيون وقصر عبود باشا في لحظات ومن المنتظر أن يحل محلها بنايات أسمنتية لا روح فيها ولا ذكريات.. وحلت الشواطئ الشعبية والبلطجة محل شاطئ جليمونوبولو وستانليالتي كانت الأماكن المفضلة لعلية القوم حيث كنت تجد أحدث خطوط الموضة وكنت تسمع الآحاديث تدور بأناقة بالكثير من لغات العالم.. وذهب بهاء وجمال ميدان المنشية ليحل محله أسواق شعبية وباعة جائلين وإختفي تمثال محمد علي باشا بين أكشاك مخالفة يتم حلها عند قدوم حملة الإزالة ثم يعاد تركيبها في لحظات بعد إنصراف الشرطة.. أين مدينة شيكوريل وعائشة فهمي وسباهي وتمفاكو وأتينيوس وماجستيك ولورانتوس وأيليت وتريانون كل هذه الأسماء لأماكن ومباني تحمل رائحة الماضي وختم العراقة والجمال.. كلها أسماء لأماكن مازالت تقاوم طغيان المادة وتتمسك بعراقة الماضي وجماله فهل تنجح في المقاومة والإستمرار.. المشكلة كما يؤكد عبد الفتاح ليست في أن الإسكندرية غرقت في شبر مية ولم تنجح في إختبار النوة ولكن المشكلة أكبر وأعمق من ذلك.. فالمدينة المعروفة بأنها ساحلية ومعتادة علي حمام الشتاء كانت تخرج من النوات كأنها خارجة لتوها من حمام العرس.. فالمياه تصرف بسرعة والشوارع تلمع وتتجمل والمواطن لا يشعر بأي مشكلة بإعتبار أن بنيتها التحتية كانت مصممة لإستيعاب المطر وتصريفه من خلال مصبات ومصارف للأمطار ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فلسبب ما تم تغيير طريقة الصرف ليتم تجميع الصرف الصحي ومياه الامطار في مصارف واحدة لم يتم تحديثها منذ زمن لتحدث هذه المهزلة مما يستلزم سرعة التدخل لحل هذه المشكلة بطريقة علمية وسريعة حتي لا تتكرر فتضر بالمدينة ومبانيها الجميلة.
التراث هو قاطرة التنمية
يقول المهندس محمد أبو الخير معماري وأحد مؤسسي مبادرة إنقذوا الإسكندرية أنه من المؤكد أن نسبة كبيرة من المباني التراثية والمعمارية النادرة التي تتميز بها مدينة الإسكندرية قد تضررت من النوة الأخيرة بإعتبار أنها مباني مهملة ولا تمتد اليها يد الصيانة, ومفتوحة حيث تم خلع أبوابها وشبابيكها ولا تخضع لأي إشراف, ولكن لا يوجد حصر حتي الآن بالتلفيات. ولكن المشكلة أن التعامل مع الملف العمراني في مصر والإسكندرية بالتحديد يفتقد الخطوات الإستباقية فنحن نتبع سياسة رد الفعل أو إدارة الأزمة, أي أننا ننتظر حدوث الأزمة ثم نبدأ في التعامل معها, ويتساءل لماذا نقف عاجزين أمام وضع رؤية مستقبلية وعمرانية للإسكندرية رغم أن تراث المدينة هو القاطرة الأساسية للتنمية ؟ ويقول أن لدينا نماذج كثيرة يمكن الإقتداء بها لحماية التراث العمراني للمدينة مثل تجربة لندن وباريس وما تجربة كازابلانكا العربية ببعيدة حيث تم حفظ تراثها بشكل محترم وتحولت الي مصدر للجذب السياحي.. ويضيف أن كوزموبوليتانية المدينة تبدو واضحة من خلال مبانيها وبالتالي لإحياء المدينة لابد من المحافظة علي هذه المباني وحمايتها من الهدم والحملة الشرسة التي تتعرض لها, وأضاف أن المشكلة الآن لم تعد عدد المباني الهامة التي تتعرض للإغتيال والهدم ولكن في السرعة واللامبالاه التي تتم بها فنحن نواجه خطر داهم يهدد بضياع المباني التاريخية والتراثية بسبب الثغرة الموجودة بالقانون رقم144 لسنة2006 والتي يستغلها المحامون لإخراج المباني من قائمة التراث أو مجلد الحفاظ علي المباني التراثية بشكل قانوني ثم يتم هدم المبني بشكل سريع قبل أن يفيق الجميع, ويضيف أبو الخير أن مجلد الإسكندرية قد حدد1134 مبني تراثي نادر و70 منطقة تاريخية أهمها المنشية ومحطة الرمل وجب الحفاظ عليهم, وفعليا تم هدم04 من هذه المباني خلال الأعوام2008 وحتي2013 ويتوقع أن العدد تعدي المائة في العام الماضي ومازال القضاء الإداري ينظر حوالي09 قضية من هذا النوع ينتظر خروجهم في القريب العاجل مما يهدد بكارثة عمرانية تراثية في المدينة مما لم يتم وضع تشريع حاسم لحفظ تراث المدينة.
الجدير بالذكر أن الإسكندرية قد فجعت منذ عدة أشهر بهدم قصر عبود باشا( رقم39 شارع محمود أديب زيزينيا) والذي كان مسجلا بمجلد الحفاظ علي المباني التراثية بالإسكندرية برقم4009 ثم تم حذفه بقرار وزير الإسكان رقم577 لسنة2013 ثم شعر السكندريون أن هناك محاولات تجري لهدم فيلا عفيفي باشافقام بعض المحامين بإرسال إنذار لمحافظ الإسكندرية, ورئيس حي شرق, يحذرون فيه من المساس بفيلا عفيفي باشا الأثرية المكتوبة بإسم فردوس عفيفي حرم حافظ باشا عفيفي والمقيدة بمجلد دفتر التراث رقم1917 وتبلغ مساحتها2150 مترا وهي مصممة علي التراث الإنجليزي و بحالة ممتازة ويقال أنه تم بيعها بمبلغ تعدي المائة مليون استعدادا لهدمها علي الرغم من كونها نادرة الطراز وليست آيلة للسقوط ولا تمثل أي خطورة.ومازالت محاولات الهدم والتشويه تتوالي من فندق ماجيستكالذي تم تدمير شكله المميز وفيلا سباهي التي تقف علي البحر في إنتظار أن تسقطها النوات علي الرغم من طرازها الإيطالي المتميز وأبوابها المحلاه بالأشكال الخزفية الدقيقة وكونها أحد أهم قصور القرن الماضي وهي من تصميم المعماري المصري علي ثابت, وفيلا إمبرون التي تتعرض للهدم كل يوم وهي التي كتب فيها داريل رباعيات الإسكندرية وقد شيدت علي الطراز الإيطالي عام1920 وسميت بإسم المقاول الإيطالي إمبرون الذي شيدها وعاش فيها مع زوجته الفنانة التشكيلية إميليا, وملحق بها برج أثري جميل. وفيلا أجيون التي سقط أكثر من85 في المائة منها وفيلا شيكوريل التي تتحدي المقاولين بالشباب الذين يدافعون عنها يوميا.
ويقول الدكتور محمد عوض, رئيس لجنة الأمانة الفنية للحفاظ علي التراث العمراني بالإسكندرية إن المحافظة مقبلة علي كارثة تاريخية وحضارية إذا لم يتدخل المشرع لتقويم المادة الثانية من قانون حماية المباني والمناطق التراثية رقم144 لسنة2006 مشيرا إلي أن الإسكندرية بها43 فيلا وقصرا ومبني تاريخيا تنتظر معاول الهدم التي تسير علي قدم وساق بحجة خروجها وحذفها43 من مجلد التراث علي الرغم من أنه لدينا خطاب من هيئة قضايا الدولة يفيد بأن هذا الأحكام ليست نهائية وبالتالي من المفروض ألا تصدر المحافظة أي تصاريح بالهدم لهذه المباني حتي لا تحدث مأساة.
إسكندرية الكوزموبوليتان
وعن كوزموبوليتانية المدينة يقول الفنان عصمت داوستاشي أن أهم ما شكل وجدانه الفني هي الملامح البصرية للإسكندرية في أوائل النصف الثاني من القرن الماضي وخاصة ملامح حي بحري والأنفوشي ومنطقة المساجد بأبي العباس وميدان المنشية ومحطة الرمل والحي اللاتيني الذي يسكنه الأجانب بمنطقة الأزاريطة, ويضيف أن الإسكندرية كانت حتي نهاية النصف الأول من القرن العشرين مدينة عالمية بكل معني الكلمة وبعد الثورة وبداية الستينات وتطبيق النظم الإشتراكية والتأميم هاجر ما تبقي من الأجانب ولم يبق بالمدينة الا العجائز من الجاليات الأجنبية أو غير القادرين علي الهجرة أو العاشقين للمدينة والذين إلتحموا بأهلها وأصبحوا سكندريين أكثر من أهل البلد, وكانت الجالية اليونانية هي أكبر جالية في المدينة وإشتغل اليونانيون في معظم المهن وإن إهتموا بمحلات البقالة والمطاعم والخمارات والعمل كجرسونات في المقاهي والبارات, وقد إستقر معظم الأجانب في الحي اللاتيني ورمل الإسكندرية وكانت منطقة بحري( حي الترك) هي حي أهل البلد حيث المسجد الكبير للصوفي الشهير أبي العباس المرسي و الأضرحة والمساجد المحيطة به في حين تركزت الكنائس في منطقة الرمل حيث يسكن الأجانب بطوائفهم الدينية المختلفة وبين المنطقتين يتركز اليهود وكانت حارة اليهود أشهر أماكنهم وهي التي تم هدمها في الستينات وحل محلها شارع النصر.. ولم يكن الجريتلية( المسلمون من سكان جزيرة كريت) ينتمون الي الجالية اليونانية وإنما كانوا ينتمون للإتراك من أهل البلد وكان تركزهم في الإسكندرية في المنطقة الشعبية في حي بحري, ثم تأتي الجالية الإيطالية في المرتبة الثانية بعد اليونانية حتي كادت المدينة تصبح إحدي المدن الإيطالية وخاصة نابولي وقد إشتغل الطليان في معظم المهن الفنية وخاصة في العمارة والأثاث والميكانيكا وكانت ورش الميكانيكا في منطقة أبي الدرداء التي يوجد بها مدرسة( دون بوسكو) المتخصصة في تعليم المهن الفنية والميكانيكا للطلبة من مختلف الجنسيات تحت إشراف إيطالي كامل.. وتأتي الجالية الإيطالية في المرتبة الثالثة ولهم أنديتهم ومؤسساتهم وجرائدهم وأعيادهم وأصبحوا جزءا من النسيج المصري وخاصة السكندري ويعمل معظمهم في تصنيع وتجارة الذهب وهم رواد التصوير الفوتوغرافي وأصحاب محلات التصوير الأولي بالإسكندرية.. ومن سكان الإسكندرية العالمية فرنسيون وشوام من سوريا ولبنان والعراق وليبيا وشمال إفريقيا.. كان هذا شكل الخليط السكندري الذي مازالت أثاره باقية حتي الآن وكانت لهذه الجاليات مؤسسات وأنشطة كان بعضها ذا صفة عالمية تدار من الإسكندرية.. كان هذا هو الوصف الدقيق للإسكندرية الكوزموبوليتانية أو متعددة الأعراق كما كتب عنها الفنان عصمت داوستاشي في كتابه الرملة البيضاء
ومن أجمل ما كتب عن الإسكندرية القديمة ما سطرته المؤلفة السويسرية إستر هارتمان في كتابها حياتي في مصر- مذكرات فتاة سويسرية عاشت في الإسكندرية, قائلة: كنا نعيش في الإسكندرية في أربعينيات القرن العشرين, وكنت أذهب كثيرا إلي سوق الإبراهيمية سوق شيديا. وفي حي السوق كان يسكن مواطنون من بلدان البحر المتوسط, في منازل تتكون من طابق أو اثنين. وكان من بين هؤلاء ـ بالإضافة إلي المصريين- اليهود والشوام السوريون واللبنانيون, واليونانيون والمالطيون والأرمن والإيطاليون, وأن حي الإبراهيمية كان معقلا للطبقة المتوسطة من اليونانيين وكان أغلبها فيلات إيطاليين وأرمن, تفوح منها رائحة نبات ودن الفيل والفل والياسمين.
محطة الرمل ورائحة البحر
وتعتبر حكاية محطة الرمل هي حلقة أخري من حلقات الفوضي بالمدينة فالمحطة التي تعتبر جزءا هاما من تراث الإسكندرية العمراني كانت تعاني من فوضي الباعة الجائلين والإشغالات والبلطجة وبمجرد أن حاولت المحافظة وهيئة النقل العام تطوير الميدان وإزالة الإشغالات تمهيدا لإعادة الوجه الحضاري اليه وتقنين أوضاع الباعة وإعادة الحق والهيبة الي الدولة حتي قامت ثورة عارمة تتهم المحافظة بالوقوف في وجه الثقافة وهضم حق الغلابة ومعاداة باعة الجرائد وقتل تاريخ الاسكندرية وغير ذلك من الشعارات الرنانة التي شارك فيها كل من يعلم ولا يعلم وكأن الفوضي أصبحت هي السائدة وأن أي محاولة لإعادة الموازين الي وضعها الطبيعي سوف تقابل بغضب شعبي وثورة مدعومة من البسطاء الذين يساندون بعضهم البعض علي حق أو حتي علي الباطل.
وعن تاريخ محطة الرمل يقول يوسف فهمي الجزايرلي في كتابه الإسكندرية في فجر القرن العشرين أن محطة الرمل القديمة التي تعد من الميادين التاريخية التي يجب الحفاظ عليها كانت في مكان سينما ستراند وكان ماء الخليج يصل الي مقربة منها وكانت تسير علي خط ضاحية الرمل الحديدي قطارات بخارية تستغلها شركة بلجيكية- انجليزية فيخرج القطار من موقع سينما ستراند ويسير فوق المرتفع الذي أعدت في سفحه جملة من الدكاكين وبعض العمارات الضخمة, وفي مكان جراند تريانون كان يوجد كازينو زاراني الخشبي وفي مكان القنصلية الإيطالية كانت حمامات زوروس من أقدم الحمامات العامة بالمدينة وكانت مشيدة ن الخشب وتضم حجرات صغيرة لخلع الملابس في مقابل أجر زهيد وفي مكان أتينيوس كان يوجد كازينو سانتيالمشيد من الخشب ويطل علي البحر وبالقرب من لسان السلسلة كانت كلية فيكتوريا مشيدة فوق مرتفع من الأرض في المكان الواقع بين مسجد إبراهيم ومحطة الأزاريطة.
سمك.. لبن.. تمر هندي
ولم تقتصر المشكلة في الأسكندرية علي هدم المباني التاريخية والميادين والتاريخ الحجري بل تعددت المشاكل وتكالبت علي السنيورة, وكل يوم يستيقظ سكانها علي حكاية جديدة من حكايات قتل التراث ووضع بصمات جديدة علي المدينة لا تمت لها بصلة مثل المباني الشاهقة المخالفة التي ترتفع كل يوم في كل المناطق متحدية القانون بشكل صريح ومخالفة كل الأعراف ومحملة المدينة المزيد من الهموم والضغط في الكهرباء والمياه والصرف الصحي وخالقة بذلك أزمات في السيارات والجراجات والآمن والصحة والدفاع المدني فقد إختنقت الشوارع ولم تعد تسمح بمرور عربات الإطفاء في حالة حدوث حرائق فمن سيدفع فاتورة هذه المصائب في حال حدوثها. والحكاية الأخري التي تدور في شوارع المدينة حاليا عن إزالة الكتل الخرسانية للكورنيش القديم وإستبدالها بإخري جديدة في منطقة بحري وتحويل جزء من الكورنيش الي جاراج وهو ما يقف أمامه السكندريون بالمرصاد. بالإضافة الي القصة الثالثة التي تشغل الرأي العام السكندري وهو موضوع إنتشار المحال التجارية والأنشطة الغير مرخصة في منطقة كفر عبدة ورشدي وهو ما دفع السلطات الأمنية الي إغلاق عدد منها بسبب عدم وجود تصاريح لهذه الأنواع من الأنشطة مما يقلق راحة السكان ويغير من الطبيعة العمرانية لهذه المنطقة التي تتميز بالقصور والفيلات وهو موضوع جد خطير إذ يفتح الباب أمام موضوع الأنشطة التجارية والإستثمارية المسموح بها في وسط التجمعات السكانية والجهات المنوط بها منح التصاريح ؟ ومن له حق المنع والمنح ؟ وهل يتم تطبيق القانون في منطقة دون أخري ؟ أم لابد أن يسري علي الجميع وفي كل المناطق ؟ أسئلة تحتاج الي أجوبة ووقفة حازمة ليعود للمدينة جمالها ورونقها.
والمشكلة الآن كما يؤكد الكثيرون هو عدم وجود تشريعات قوية تعمل علي حماية التراث وتستطيع أن تضرب بيد من حديد علي العابثين الذين يمحون التاريخ بقصد أو بدون سواء في المباني أو في الميادين أو في المعالم الرئيسية للمدينة, وفي نفس الوقت تعمل علي حماية مصالح المواطنين الذين يملكون الملايين ولا يجدون الملاليم, فصاحب العقار يملك المبني في موقع ممتاز ويقدر ثمنه بعشرات الملايين بينما لا يحصل الا علي ملاليم في نهاية كل عام من المستأجر وهو منتهي الظلم, فينام ويصحو علي حلم أن يهدم المبني بدون تقدير لقيمته المعنوية والأثرية ويقيم مكانه برج مخالف يجني من وراءه الملايين.. فهل ينتبه المسئولون فيضعون تشريعا يتيح للدولة شراء هذه المباني من أصحابها بمبالغ محترمة ومراقبة المباني والعمارات حتي لا تقام بأدوار مخالفة وتزيد إرتفاعاتها بشكل مبالغ فيه فنغلق بذلك الباب أمام جشع المقاولين ومحاموا هذه النوعية من القضايا ويحصل كل ذي حق علي حقه..
وهكذا كانت النوة التي ضربت المدينة هي القشة التي قصمت ظهر البعير فكشفت تهالك البنية التحتية وفساد بعض الأجهزة الحكومية التي تراخت عن أداء واجبها كما كشفت نقاط الضعف في المدينة التي غرقت في ساعات وعانت من إنتشار القمامة التي سبحت مع المياه لتدخل منازل المواطنين كاشفة عورة المدينة الكوزموبوليتانية فهل ينتبه الجميع من مسئولين ومواطنين ويتكاتفوا حتي لا تتحول الإسكندرية التي كانت يوما ما جميلة الي مسخ
رابط دائم: