رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

هوامش حرة
حين غرقت عروس البحر

منذ سنوات كنت فى زيارة لليونان تسلمت فيها جائزة كفافيس العالمية فى الشعر..وكفافيس شاعر يونانى عاش ومات فى الإسكندرية ويعتبر رائدا من رواد المدرسة الحديثة فى الشعر الاوروبى ويحتل مكانة خاصة لدى الشعب اليونانى، كما ان له كثيرا من المريدين فى مصر..يومها كنت اجلس مع عدد من المثقفين والمبدعين فى اليونان وجاء ذكر مدينة الإسكندرية وتحدث الجميع عن ذكرياتهم معها منهم من عاش فيها فترة من شبابه ومنهم من زارها ومنهم من كان يتمنى ان يزورها..أحاديث كثيرة دارت فى هذه الليلة عن روعة الإسكندرية البحر والبشر والمبانى والشوارع كثيرون منهم كانوا يحفظون أسماء الشوارع ويعرفون البيوت التى سكنوا فيها والمطاعم التى أكلوا فيها .. كانت أمنيات كل واحد منهم ان يرى الإسكندرية مرة أخرى ويومها سألوا عن سان جوفانى والبوريفاج وسان استيفانو وسيسل وقلعة قايتباى وقصر المنتزه .. كانوا يحفظون كل شوارع وشواطئ المدينة العريقة .. وانا أشاهد الإسكندرية غارقة على الشاشات والناس يصارعون الموت غرقا فى الشوارع وتيارات الكهرباء تعصف بهم شيوخا ونساء وأطفالا، تساءلت أين الإسكندرية القديمة التى كانت يوما واحدة من منارات الدنيا فكرا وثقافة، واين مبانيها وشوارعها النظيفة، واين ناسها المستنيرون وأين بحرها النظيف..أين متاحف الإسكندرية وآثارها المتحف الرومانى وقلعة قايتباى والمرسى ابو العباس والإمام البوصيرى، واين مبانى جامعتها العريقة اين كلية الزراعة بأشجارها وحدائقها .. واين حديقة الحيوانات التى تحولت إلى جحور للفئران وماتت طيورها وحيواناتها من الجوع والإهمال..اين مثقفو الإسكندرية وشعراؤها الكبار, اين د.يوسف عز الدين عيسى والعشماوى, واين لياليها الجميلة ومسارحها المضيئة وعقولها المستنيرة ?..كانت العربات الغارقة فى المياه تستغيث ولا احد يجيب وكان الأطفال يصرخون ولا مجير وكانت الإسكندرية المرأة الجميلة تلملم ثيابها السوداء وهى تغطى رفات من ماتوا صعقا, ومن ماتوا غرقا! بينما كانت الشوارع تحكى قصة مدينة سقطت بين أنياب الإهمال والفساد وجماعة من اللصوص استحلوا ماضيها وحاضرها ولم يدركوا قيمة وطن جميل يحملون اسمه وعنوانه..ما حدث فى الإسكندرية جريمة ينبغى ان تتهاوى فيها رءوس كثيرة.

http://[email protected]

 

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: