رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

سيناريوهات اتفاق ليبيا

كانت انظار العالم يوم الاحد 20 سبتمبر على الصخيرات في انتظار الحدث التاريخي المتمثل في الاعلان عن الاتفاق الليبي، كما كان مقررا، لكن مر اليوم

دون ان يكون تاريخيا ودون ان يتم فيه الاعلان عن الاتفاق بعدما حال التسويف والتماطل دون الالتزام بهذا الموعد واعلان المبعوث الاممي برناردينو ليون انتهاء ازمة ليبيا باعلان الاتفاق واللائحة الاخيرة لحكومة التوافق الوطني.

فقط اكتفى ليون فجر الثلاثاء 22 سبتمبر بتوزيع مسودة الاتفاق، كحزمة نهائية، على طرفي النزاع الاساسين وهما مجلس النواب والمؤتمر الوطني دون باقي المشاركين الليبيين، وهي المسودة التي حرص على ان تكون سرية، من ناحية، حتى لا يتم تداولها اعلاميا او مناقشة بنودها عبر وسائل الاعلام المختلفة ومن ثم النفخ فيها حتى تصيرا نارا يصعب السيطرة عليها، مما يهدد بالعودة الى مربع الصفر. ومن ناحية اخرى، ان تكون نهائية، بحيث اغلق باب النقاش فيها تماما باعتبارها الاقرب للتوافق بين الجانبين والاقرب الى تحقيق المصلحة الليبية العليا.

وفي انتظار ان يقدم المؤتمر العام لائحة مرشحيه للحكومة، والتي لايزال يتماطل في تقديمها الى اليوم، وان كان قد تعهد بتقديمها في الموعد التالي الذي تم تحديده في يوم 28 سبتمبر القادم، فإن المبعوث الاممي يكون قد انهى مهمته، بينما تكون المسؤولية الكاملة على الفرقاء الليبيين الذين سيجدون انفسهم في هذا التاريخ في امتحان وطني صعب، فإما سوف يكونون عند مستوى الموعد والاتفاق وسيحضر الجميع وفي مقدمتهم المؤتمر الوطني، وفي يده لائحة مرشحيه وفي جعبته الموافقة على حزمة الاتفاق، والوفد البرلماني بعد مصادقة مجلس النواب على الاتفاق، او سيتخلف الليبيون، والمؤتمر بالتحديد، عن الموعد وستدخل ليبيا بعدها مرحلة استفهامات او سواد جديدة.

ليبيا امام خيارين: ففي حال التزم المؤتمر بوعوده وحضر يوم 28 واحترم كلمته وقدم لائحة مرشحيه للحكومة، سيتشاور ليون، في هذه الحالة، لاختيار الاصلح بحيث سيراعي تشكيل فريق حكومي يكون اكثر تناغما وتجانسا مع بعضه البعض مع مراعاة عدم اختيار ذوى الفكر او الايديولوجية المتشددة، ومراعاة التوزيع الجغرافي وخلق توازن بين الشرق والغرب والجنوب الذي يعاني اساسا من التهميش. ومن تم سيعلن تشكيل حكومة توافق وطني تتولى امور البلاد. اما السيناريو الثاني، فهو ان يتخلف المؤتمر عن الموعد، او يحضر دون ان يُحضِر لائحة مرشحيه للحكومة، وهذا هو السيناريو الاقرب للواقع بالنظر الى النهج المعروف للمؤتمر في الممطالة والتسويف في جولات الحوار كافة.

وفي هذه الحالة يكون المبعوث الاممي امام خيارين، اما سيستمر ويكمل مسار الاتفاق ولكن سيعتمد على ترشيحات التيار المعتدل من داخل المؤتمر وليس بالضروري ما سيتم ترشيحه رسميا من المؤتمر، على اعتبار ان هذا التيار يريد انجاح الحوار بما وصل اليه اليوم ويريد تسجيل الاسماء. او سوف يكون مصير الحوار هو الفشل، وفي هذه الحالة ستنتقل ليبيا الى مرحلة اخطر لن يكون طرفا الصراع فيها فقط المؤتمر الوطني ومجلس النواب، بل ستتدخل اطراف صراع اخرى وعلى قائمتها الارهاب الاسود الذي يقتات من ليبيا ويستولي كل يوم على الجغرافيا مما يهدد بوضع كارثي لن يستطيع بعده خبراء العالم اجمع ان يفتحوا حوارا جديدا، وخصوصا بعد ان تتحول ليبيا الى مصدر قلق ومحطة مستقطبة للتنظيمات الارهابية من منطقة الساحل والصحراء، ومصدرة لهم الى دول الجوار واوروبا.

الاتفاق وتشكيل حكومة وحدة وطنية يبقيان هما الفرصة الاخيرة للامم المتحدة والمجتمع الدولي، وهما الفرصة الاخيرة لمجلس النواب والمؤتمر الوطني وقبل هذا وذاك هما الفرصة الاخيرة لليبيا، فليبيا مقبلة على تاريخ 21 اكتوبر حيث تنتهي المدة الدستورية لمجلس النواب وتدخل البلاد بعده مرحلة من الفراغ السياسي يبحث عنها المؤتمر الوطني بشغف، وهذا ما يفسر تماطله طوال المدة السابقة، وفي هذه الحالة لن يكون هناك خارطة طريق ولن يبقى من ليبيا الا اسم يعكس بالاساس حالة من الانقسامات والتشرذم والمشاهد الكارثية.

لاخيار الا باستكمال الحوار واعلان انتهاء المفاوضات ومنها اعلان الاتفاق وتشكيل الحكومة، وعلى الليبيين ان يظهروا في هذه المرحلة المفصلية ان ولاءهم الاكبر هو لوطنهم الذي ينهار وليس للسلطة وصراع الكراسي. وعلى المجتمع الدولي، ايضا، باختلاف مصالحه الاقتصادية ان يقتنع تماما بأن هذه المصالح لن تتحقق في ظل ليبيا مقسمة او مفككة، لكن يمكن أن تتحقق بصورة اكبر اذا كانت ليبيا قوية بمؤسساتها، وفي هذه الحالة يمكن ان تكون ليبيا مصدر انتعاش لاقتصادها وللمنطقة بالكامل بفضل تنوع مصادرها وثرواتها.

اما فيما يتعلق ببعض الاسئلة الشائكة المتعلقة بتنفيذ الاتفاق وعلى رأسها هل سيقود هذا الاخير الحكومة الى طرابلس؟ وفي هذه الحالة من سيقوم بحمايتها؟ وهل سوف يتم الاعتماد على قوات من اوروبا، وهذا صعب تحقيقه لطبيعة الشعب الليبي الرافض لأي تدخل اجنبي يعتبره احتلالا، ام سيتم الاعتماد على القوات الداخلية؟ وفي ظل عدم وجود جيش هل سيتم الاعداد لجيش نظامي ام سيتم الاعتماد على شخص؟ وهل سيتم التوافق بخصوص استمرار حفتر ام سيتم استبداله واستبدال كل المناصب السيادية؟.. فكلها اسئلة لاتزال عالقة ولابد للجولات القادمة من المفاوضات ان تحدد اجاباتها لضمان نجاعة الاتفاق.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: