رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

العرب.. وحتمية أن "نكون"

اصيلة، التى نستنشق عبق التاريخ وصمود المقاومة ونحن نتجول بين ازقتها وخلف اسوارها ونلامس اصالتها عبر معمارها وحيطانها المكسوة بالابيض وجدرانها التى رسم عليها الكثير من الفنانين العالميين من مختلف الأجيال والمدارس، استطاعت أن تتحول إلى قطب ثقافى هام يحج إليه آلاف المثقفين كل سنة من خلال مواسمها ومهرجاناتها حيث يشكل منتدى اصيلة السنوى اهمها ويعود الفضل فى اقامته للوزير السابق والأمين العام للمنتدى السيد محمد بن عيسى الذى ارتبط اسمه بأصيلة وارتبطت اصيلة بمختلف التحولات التى عرفتها بمجهوداته وعطائه، فأصبح الاثنان وجهين لعملة واحدة.

ولأن الموعد يتجدد كل سنة، فقد احتضنت اصيلة ضمن فعاليات موسمها الثقافى الدولى فى دورته 37 ندوة "العرب.. ان نكون او لا نكون" وهى الندوة التى شهدت مشاركة باقة من الديبلوماسيين والمفكرين والاعلاميين العرب الذين اجمعوا على ان العرب "نكون" ولا خيار الا بأن نكون، ليبقى القوس مفتوحا بخصوص"كيف نكون؟" وفى أى موقع من الخارطة الدولية/الكونية يجب ان نكون؟.

فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق دعا إلى رد الاعتبار للمشروع القومى العربى من خلال إعادة الاعتبار للقضية العربية الاساس/قضية فلسطين، واتخاذ موقف عربى ثابت بشأن القضايا والمشكلات التى تتعرض لها المنطقة حاليا، واتخاذ موقف واضح وصريح من إيران لاستعادة الثقة والتعاون، مع تحقيق تكامل عربى بدءا من المصالح الاجتماعية والاقتصادية الى المصالح الامنية، والتقدم على مسار الإصلاح السياسى وإعادة تأسيس الحكم المدني، وكذا على مسار الإصلاح الدينى واسترجاع الإسلام من خاطفيه، والتصدى لأسباب تفكك المجتمعات من الداخل، واتخاذ موقف عربى حازم وفكر خلاق يعيد الاحترام للهويات العربية.

أما وزير الخارجية السابق السيد نبيل فهمى الذى اعتبر ان العالم العربى على حافة الهاوية، حيث يداهمه خطر حقيقى باعتبار العالم العربى من أكثر المناطق فى العالم تغييرا للقيادات، ومن أكثرها استدعاء للتدخل الخارجى للتعامل مع القضايا الخارجية فى وقت بات فيه الاقتصاد يعتمد أكثر فأكثر على الأطراف غير العربية وبات الاستثمار والتجارة العربية يوجدان خارج العالم العربي، فهو يرى أن هذا الاخير بات مطالبا ببناء علاقات جديدة بين الحكومات والمجتمعات العربية، وكذا التعامل بواقعية مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية، مع ضرورة إقامة مشروع إقليمى للقضاء على الفقر وإيجاد المسكن اللائق للمواطنين، وإقامة مصالح مشتركة بين الدول العربية، مثل إقامة صندوق تأمين المشاريع بغية تقوية الاستثمارات البينية. 

من جهته وضع الامين العام السابق للجامعة العربية السيد عمرو موسى مشكل التعليم على رأس الاولويات باعتباره سبب الكوارث العظمى، من دون ان يقلل من اهمية الانشغالات الاخرى مثل "الهوية"، وقد ربط الوجود العربى ببعض العناصر منها: ضرورة الاتفاق على أن المرحلة هى مرحلة تغيير وإصلاح جذري، ووعى المجتمع العربى بمتطلبات القرن الحادى والعشرين (من تكنولوجيا وديمقراطية وحقوق إنسانية وتقدم اقتصادى وعولمة..)، الالتحاق بالمسيرة العالمية مثلما فعلت الصين والهند والبرازيل،. فيما ذهب المفكر العربى الدكتور مصطفى الفقى الى ضرورة فصل الدين عن السياسة بعد ان شوه الاسلام السياسى صورة الإسلام، فيما يبدأ تأصيل الديمقراطية فى الدول العربية بمشاركة الأقليات مشاركة صحيحة فى مجتمعاتنا العربية، مع ضرورة الاعتماد على الادلة العقلية وليس النقلية والعمل على اصلاح التعليم وتطوير الاعلام وتقوية المؤسسات الدينية. ندوة اصيلة وجدلية "ان نكون او لا نكون" لامست الجرح ووضعت اليد على بواطن الخلل العربى مما استفز فكر ومشاعر كل المتدخلين من مختلف الدول العربية الذين وجدوا فى موضوع الندوة مساحة للتعبير بحرية عن ارائهم المختلفة واقتراحاتهم وايضا مخاوفهم وان كان عبر جلد الذات العربية ومواجهتها بحقيقتها المتشرذمة المؤلمة، لكن دون اغفال انه رغم سوداوية الواقع، ورغم ان عالمنا العربى يمر بواحدة من أسوأ مراحله واشدها كحلة الا اننا يجب ان نبقى على قيد الامل والايمان بحتمية وجودنا العربي.

العرب "نكون"، ولا خيار لنا الا بأن "نكون"، لكن السؤال الذى يؤرقنا هو كيف نكون والصراعات الداخلية تمزقنا، والتجاذبات السياسية تفتتنا، والطائفية تهددنا، والتطرف والارهاب بات يطوقنا؟ كيف نكون عربا موحدين مجتمعين على مشروع قومى عربى وتضارب المصالح وصراعات الوجود بيننا كعرب وكجيران وأشقاء يجعلنا نتقاتل ونتآمر ضد بعضنا وندمر حلمنا بوجود وتكامل عربي؟ كيف نكون وكيف نتفق على أن المرحلة هى مرحلة تغيير وإصلاح جذرى ونفس العقلية التى تحكمت فى المنطقة العربية منذ فجر الاستقلال هى التى لاتزال تتحكم فيها الى اليوم دون ادراك لاهمية وخطورة اللحظة التاريخية التى جعلت شعوبا فى اقطاب عربية مختلفة تخرج فى نفس اللحظة مطالبة بالتغيير. وكيف نتجنب التدخل الخارجى ونحن للغرب خاضعون وخانعون؟ وكيف نسد الطريق امام الاسلام السياسى وشعوبنا التى تعانى الامية لاتزال لاتفرق بين الدين والتدين ولا بين الخطاب الدينى والخطاب السياسوي.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: