رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مصر ستبقى والإرهاب سيخسر بالنهاية

عشية الاحتفالات بالذكرى الثانية لثورة 30 يونيو والذكرى الاولى لانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، الارهاب يستهدف مصر في واحدة من أكبر وأوسع وأخطر عملياته منذ سنتين واكثر، وهي العمليات التي استهدفت النائب العام هشام بركات في قلب القاهرة وعلى بعد امتار من الكلية الحربية، والتي تلتها هجمات ارهابية في سيناء، بأسلحة مختلفة، على بعض الاكمنة، وقضى اكثر من مائة ارهابي نحبهم في هذه الهجمات.

الارهاب يصعد من حدة عملياته التي شهدت نقلة نوعية في الحجم والشكل والتوقيت، وهو تصعيد له ما يبرره اذا ما علمنا ان الارهاب في مصر تقوده وتدعمه جهات داخلية واقليمية سواء بالتخطيط والتسليح والامداد بالمعلومات والخرائط، او بالتحريض وتبرير القتل والدفاع عنه. في الوقت الذي لاتزال مصر، المنهكة اقتصاديا، تحارب وحدها وعلى عدة جبهات. كما أن التنظيمات الارهابية لم تكن لتترك فرصة احتفال مصر بذكرى ثورة إسقاط نظام الاخوان واستعدادها لافتتاح مشروع قناة السويس دون ان تنفذ عمليات تخلق من خلالها الذعر في قلوب المواطنين والقلق عند السياح والمستثمرين، والهدف هو القضاء على الاقتصاد المصري وإلهاء مصر عن أي مشاريع تنموية وتكريس كل جهودها فقط في محاربة الارهاب. اضف الى ذلك ان الارهاب وعلى رأسه تنظيم داعش، الذي سبق وبايعه تنظيم انصار بيت المقدس الذي تبنى عمليات سيناء، الذي انتعش نشاطه في المنطقة والعالم، والذي سبق وتوعد مصر بمثل هذه العمليات، اصبحت شهيته مفتوحة لتنفيذ المزيد من العمليات الوحشية في أكثر من دولة لخلق حالة عامة من الهلع، دون ان يتوصل العالم بعد الى استراتيجية موحدة وفعالة للقضاء عليه.

الارهاب الذي لم يعد يميز بين العالم العربي والاسلامي وبين العالم الغربي، والذي استهدف قبل اسبوع تونس والكويت وفرنسا مخلفا مقتل 37 شخصا على الأقل في منتجع ساحلي في سوسة و25 من المصلين في مسجد للشيعة في الكويت، إضافة إلى قطع رأس رجل في شركة أمريكية للغاز في فرنسا، هو نفسه الذي تحالف مع بعضه البعض ضد مصر ونفذ عملياته الاخيرة فيها، فالايديولوجية المنحرفة واحدة والهدف واحد وهو الانتقام من مصر، وشيوع الفوضى وعدم الاستقرار فيها، ونشر ثقافة الكراهية والتخوين بين ابنائها، وهدم الدولة بكل مؤسساتها. وارهاب تونس والكويت وفرنسا والسعودية لا يختلف في شيء عن الارهاب الذي تتعرض له مصر منذ سنتين وتعرضت لأسوأ صوره هذا الاسبوع، ومن هذا المنظور يجب ان تتوحد نظرة العالم إليه ويجب ان تتكاتف جهوده من اجل البدء بمحاربته داخل مصر حتى لا يصل لهيبه الى باقي المنطقة والعالم.

مصر منذ سنتين وهي تحاول ان تبرز الوجه القبيح والدموي للإخوان الذين نجحوا في لعب دور الضحية فيما يسمونه "انقلابا على الشرعية"، وانهم ضحايا فض اعتصام، تم فيه احتلال ميدان والتضييق على الساكنة وتم التحريض داخله ضد الدولة، وأنهم ضحايا احكام طالت رئيسهم وقياداتهم بعدما تم كشف مخططاتهم، مسخرين في ذلك اذرعهم الاعلامية واجنحتهم الدعوية، واستطاعوا لاعتبارات ايديولوجية وتوافق فكري وعن طريق الشحن العاطفي كسب تضامن فئات معينة داخل بلدان عربية واجنبية، واستطاعوا من خلال هذا التضامن ان يصنعوا قاعدة جماهيرية وظفت مرة للتظاهر والشجب والادانة، ومرة اخرى، للتحريض على العنف وتبرير عملياتهم الارهابية. وقد حان الوقت بأن يقتنع العالم بأن جماعة الاخوان وما تناسل عنها من تنظيمات ارهابية لا تقل دموية وعنفا وتطرفا عن داعش والقاعدة وغيرها، وأن يعيد كل المتضامنين مع اطروحاتهم النظر في مواقفهم وان يفعّلوا عقولهم قبل ان يجدوا انفسهم، معنويا على الاقل، شركاء في جرائمهم.

رغم الضربات الموجعة للعمليات الارهابية الاخيرة إلا انها لن تزيد مصر إلا قوة وإرادة في خلع الارهاب من جذوره، لكن في خضم هذه الحرب الشرسة يجب عمل تقييم للإستراتيجية التي تم اتباعها منذ سنتين وما حققته من نتائج وما تحتاجه من تعديلات ومراجعات يتداخل فيها ما هو امني وفكري وثقافي واقتصادي واجتماعي. وهناك نقطة اخرى لا تقل اهمية وهي دور الاعلام في هذه المرحلة، فالاعلام يجب ان يتوقف عن اندفاعه ويتوقف عن دوره التحريضي على إعدام الاخوان وإعدام الناشطين السياسيين الذين يقضون فترات عقوبة بسبب مخالفتهم قانون التظاهر، فهذا تدخل، اولا، في صلب عمل القضاء، وثانيا التحريض، بكل انواعه، لن يولد الا تحريضا اكبر سيزيد من اتساع رقعة العنف والقتل وسيزيد معه من احتمالات اندلاع حرب اهلية، لا نتمناها لمصر، سيكون محركها الاساسي هو الاعلام من كلا الجانبين. وفي المقابل، يجب على باقي القوى الناعمة في مصر من مؤسسة الازهر الشريف والكنيسة والمؤسسات التعليمية ان يقوموا جميعا بتوعية الشعب المصري بحجم الحرب المنخرطين فيها وتوعيته بدوره في الانتصار في هذه الحرب وذلك من خلال الثقة بأن هذه المرحلة مهما كانت صعبة الا انها تبقى حاسمة وسيتم اجتيازها بصمود من خلال الالتزام بالقوانين التي مهما بلغت درجة تضييقها على هامش الحريات الشخصية، الا أنها تبقى ضرورية الى ان تضع الحرب اوزارها.

بالنهاية، وعي العالم بأن الارهاب واحد، مهما اختلفت تسمياته ومبرراته، وتكاثف جهوده من اجل القضاء عليه، ووعي المصريين، بحسهم الوطني العال، بأن لكل حرب ضريبتها واولوياتها هما من سيجعل مصر تتجاوز هذه المرحلة وتنتصر على الارهاب كما انتصرت عليه في كل محطاته السابقة منذ اغتيال أحمد ماهر باشا في أربعينيات القرن الماضي، الى الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها مصر في فترة التسعينيات، وصولا الى ما تتعرض له منذ عامين.. مصر ستبقى والإرهاب الخسيس سيخسر بالنهاية.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: