أظُنـُك الآن تدركُ ما نحياه من تفاصيل بذيئة، أخذتنا من وطننا، وأطاحت بنا في ركنٍ باردٍ كئيبٍ نقطٌنُه، قد تتفقُ معي وقد تختلف، ولكن يظلُ الخيطُ الذي يربطُ بيننا مضيئا بالاحترام، وما إن ينطفئ هذا الضوءُ ينقطع الادبُ،
وينزوي الاحترامُ، ويحترقُ هذا الخيطُ، ولكنك في النهاية لابد أن تتساءل عن معني أن نختلف فيصبح اختلافنا ـ حمادة ـ أو ما أحمله أنا عفنا وما تحمله أنت هو الحقُ المبين مع أنني لا أجرؤ أن أتهم ما تحمله من معتقد بالعفن، أو ما توقره من شخصيات تصبح حمادة، ولكنه إرهاب خاص هذه المرة، بهذه الطريقة الجديدة بدا نجم البحيري المنطوي ضمن ما ينطوي على مناطحة كيان كالأزهر،
فهل يجرؤ على اتهام تراث فنان ما أو راقصة بالعفن؟ المصطلحُ أو المفهوم الذي لم نجده يستخدمُ حتي مع البلطجية ولا المجرمين، بقدر ما وجدناه مستخدَما مع الإعلاميين أو غيرهم، من أصحاب الرأي أو المعارضين، وقد تقولُ إن إسلام البحيري ـ زودها حبتين ـ وقد أُشاركُـك الرأي بأنه ـ زودها ثلاث حبات ـ أو أربع ـ لا يهمُ العددُ.. المهم أن نتفق أنه زاد من سقف النقد، إلى الحد الذي أوصله لازدراء الدين وغيره من الاتهامات، التي أدت بصاحبنا ـ لهوة سحيقة ـ ولم يلبث الرجل إلا أن تطرف بفكره مثلما يتطرف الآخرون فأصبحنا نمتلك نوعين من التطرف:
أحدهما بقيادة الكابتن إسلام، والآخر بقيادة الساعة في اليمين ولا في الشمال، وهكذا لم نصل بعد إلى الطريقة التي ينبغي علينا فيها احترام الآخر، ولكننا نلعن أجداد وآباء الآخر.. كلٌ على شاكلته .. الكلمة قد ترتفعُ بصاحبها للسماء، أو تسقطُه في بئرٍعميقةٍ، وهنا ينبثقُ سؤالٌ أراه مهما فحواه تقول: ولماذا إسلام البحيري تحديدا؟ وبمعني أكثر جرأة: لماذا لم نحاسب الأزهر والمسئولين فيه عن تأخيرهم في الرد ومواجهة الفكر بالفكر ؟ ثم هل تراني أتجاوزُ الحقيقة إن قلت إن الطرفين يستحقان مراجعة؟ وما فعلنا أكثر من ترك وطننا يئنُ، وفقراؤنا يستجدون رغيف الخبز، وتفرغنا ـ لإسلام وشركاه: من يمين ويسار ـ ولا تنس ـ من فضلك ـ المستريح صاحب المليارات المنهوبة أو الملايين مازال حيا يُرزق، يمتلك من الجرأة أن يوقع العداوة والبغضاء بين أفراد عدة محافظات وتاهت عقولنا في قضايا لا تهم رجل الشارع في شئ، وفي قراءةٍ دالةٍ على ما وصلنا إليه من تقدمٍ وانبهار، ألقينا ما يعينُنا على مواجهة الخطر الذي يتهددنا جميعا، وتحديات ينبغي علينا النهوض بها، وتفرغنا لتوفير تطرف هنا وحمادة هناك
والمستريح جدا يصول ويجول ويجمع المليارات، ولم نسأل انفسنا: لماذا صرنا نتلهفُ الارباح بسهولة ويسر ودون تعب وبغير عناء، نعطيه إذن كل فلوسنا ونبيع مانملك لأجل عيون ـ المستريح ـ الساحرـ الذي سيأتي لنا بأضعاف ما دفعناه..لهفة الربح كتلهفنا لحبنا الأول ـ مع الاعتذار للحبيبة طبعا ، نستغيثُ بهم ـ الحقوناـ هو حضرتك استأذنت الدولة قبل ما تقابل المستريح ؟ تفرغنا للمعركة الفولاذية ـ بيننا وبينناـ ! نعم بيننا وبيننا! تركنا النصب والتطرف يحرقُ ما تبقي من جلودنا.. أين إبداع أصحاب المعالي ورؤاهم لحل ما يملأ ُ صدورُنا من إحباطٍ كاد يخنقنا؟ أين الجديد الذي نقيمُ به بلدنا؟..
ثم أين الوعودُ التي قطعناها كي نتحد بدلا من أن يفرقنا النصب بالفكر أو بالاستيلاء على أموال الغلابة.. ولماذا هم ـ ماهرون جدا في ـ تكسيرـ ما تبقي من أحلامنا..والسخرية مما نحمل من معتقداتنا؟ هل زرت يوما مستشفى لتستمتع بشكل بالمرضي وهم يفترشون الطرقات استجداء للعلاج؟ هل جربت أن تجوب المستشفيات وعلي يديك طفلٌ يحتاج حضّانة .. سيموت حتما بين يديك.. سل نفسك: من أماته؟ من المسئولُ؟ أنا أم أنت؟ ولماذا لم تقم بعمل ضبط وإحضار لمن تسبب في موته؟ كيف لي أن أنظر من شرفة منزلي معركة يستخدمُ فيها المصريون سلاحا ضد بعضهم، وتنطلق ُ المعركة ويبكي الاطفالُ وتصرخ النساءُ، وأنا لا املكُ فعل شئٍ إلا الدعاء..
هم مصريون يتقاتلون في نهر الشارع..هل لا يوجد في القانون ما يسمي بازدراء الوطن؟ أين الضبط والإحضار لمن نشروا الفكر الضال ، وابتاعوه في الفضائيات، حمادة..! إلى هذا الحد يصل الإسفاف؟ وقفت كثيرا عند الكلمة وتأملت كم ما تحمله من سخرية لفقيه أو مفكر حاول فأخطأ أو أصاب، ثم جاء إسلام البحيري ليقول عنه حمادة.. والمعني مفهوم.. وإذا كان ذلك كذلك، فما تركت لنا أنت لنطلقه عليك ؟هل تشاركني الرأيُ أننا جميعا نستحقُ وبفخرٍ: ضبطنا وإحضارنا، ليس أمام النائب العام هذه المرة، ولكن أمام التاريخ، لأنه اشدُ قسوةً، وأعدلُ حكما، وهو الآن يدرسُ، ويشخصُ، هو الآن يناقشُ، وسيكونُ حكمُه غير قابلٍ للنقض، وأخيرا غير قابلٍ للعب، ولا الضحك ع الدقون.. ياحمادة
[email protected]لمزيد من مقالات أيمن عثمان رابط دائم: