رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قمة شرم الشيخ.. قمة الإنقاذ

في ظرفية امنية عربية عصيبة وغير مسبوقة تعقد اليوم السبت، القمة العربية بمدينة شرم الشيخ، وهي المدينة التي احتضنت القمة العربية في 2003 قبيل شن الحرب ضد العراق ولم تستطع وقتها منع هذه الحرب ولم تستطع تفادي كل ما انتجته من سقوط بغداد التي سقط معها اول عمود من اعمدة التوازنات العربية.

واليوم ينتظر من قمة 2015 أن تمنع سقوط باقي العواصم العربية، بعد ان تلاشت بعد «الربيع العربي» ووقعت فريسة للحروب الاهلية والتدخلات الخارجية، وإن كان العدو هذه المرة ليس امريكا بماكينتها العسكرية، ولكنه الفكر المتشدد الذي نجح في ان يتحول الى ظاهرة ارهابية ومنها الى دولة ارادوا لها ان تكون «زورا» اسلامية، فبات طموحها التوسعي يشكل خطرا على المنطقة والعالم خصوصا بعدما استطاعت ان تتجاوز جغرافيتها التي تمخضت منها وتسقط الحدود بين العراق وسوريا وتعبث بخريطة المنطقة بعدما نجحت في الانتقال الى مناطق تشكل بؤر توتر (اليمن وليببا) وتحتل فيها الارض، كما نجحت في التحالف مع الارهابيين فى مصر، وضرب تونس، وتهديد المغرب الذي تمكن مؤخرا من تفكيك خلية داعشية قبل ان تنفذ عملياتها الارهابية التي كانت تستهدف شخصيات عسكرية وسياسية ومدنية في مختلف ربوع المملكة.

المنطقة العربية على صفيح ساخن، فلا احد في منأى عن حرب الارهاب وخطر داعش وباقي التنظيمات التي تبايعها تباعا. والقمة العربية، التي ستشهد نقاشا حول التحديات المشتركة التي تواجه الدول العربية وأمنها القومي، ينتظر منها ان تخرج بقرارات قوية وحاسمة ورؤى موحدة ترتقي إلى مستوى تطلعات الشعوب العربية المتعطشة الى الامن والاستقرار. وترتقي ايضا الى حجم هذه التحديات التي تستلزم التفكير فقط في مستقبل المنطقة الملغومة، وتطوير ادوات العمل العربي، وتبنّي استراتيجية شاملة من ضمن مايتمخض عنها تشكيل قوة عربية مشتركة تكون قادرة على مواجهة تمدد داعش وباقي التنظيمات الارهابية.

واذا كان ملف الارهاب والامن القومي العربي ضمن اولويات القمة العربية، فإنه ليس الوحيد، فهناك ملف اخر ينتظر منه موقفا عربيا واضحا وهو ملف القضية الفلسطينية الذي دخل منعرجا جديدا بعد النتائج التي افرزتها الانتخابات الاسرائيلية والتي منحت الامتياز لبنيامين نتنياهو الذي نجح في توظيف ورقة داعش وايران من اجل تغيير كفة التصويت لصالحه، متعهدا قبل ساعات من انتهاء حملته بأن لن تكون هناك دولة فلسطينية في حال فوزه، على الرغم من ان عدد الدول المعترفة بدولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية يتزايد.

والاكيد ان الاربع سنوات القادمة من حكمه سوف تكون وبالا على القضية. مما يفرض على القمة العربية البحث عن استراتيجية مختلفة للتعامل مع هذه المعطيات لما يخدم القضية الفلسطينية، على ضوء النجاحات والاعترافات الدولية التي حققتها، ويعيد السلام الى ارض السلام.

وعلى طاولة التدارس العربي هناك ايضا الوضع في ليبيا الغارقة في العنف والفوضى التي اصبحت محط حروب داخلية وتجاذبات اقليمية حولتها الى دولة فاشلة وبؤرة للارهاب وحاضنة للارهابيين ومصدر تهديد حقيقي للامن القومي العربي... وينتظر من القمة ان تناقش تداعيات ما وصلت اليه ليبيا على المنطقة، وأن تدفع باتجاه الحل السياسي بين الفرقاء في اطار الاستقرار ووحدة الاراضي. وايضا تركيا، التي بدلت استراتيجيتها وغيرت قبلتها من الغرب الى الشرق، وما تعكسه توجهات سياساتها من احلام باستعادة وهج الامبراطورية العثمانية. بالاضافة الى تمادي النفوذ الايراني وتحركات ايران الثابتة في المنطقة، فبعد وصولها الى قلب بغداد ثم دمشق وبيروت هاهي تصل الى صنعاء، والبقية تأتي، بعد سيطرة الحوثيين على الساحة اليمنية، وما يشكله ذلك من خطر على الامن الخليجي.. وكلها ملفات من المتوقع ان يتم التداول فيها خلف الابواب المغلقة.

المخاطر المحدقة بالمنطقة متعددة، والتحديات كبيرة والانتظارات اكبر. لكن معطيات المرحلة الراهنة، بكل ما تمثله من خطورة على الامن القومي العربي، مع رئاسة مصر، التي تراهن على استعادة دورها الاقليمي، لهذه القمة، وصدق رغبة رئيسها عبد الفتاح السيسي في لمّ الشمل العربي وتحقيق الاختراق المطلوب، كلها عوامل تمثل فرصة كبيرة وعاملا مساعدا في نجاح هذه القمة الـ 26. النجاح الذي يبقى مرهونا فقط بمدى رغبة القادة العرب على اتخاذ قرارات مختلفة وملزمة وفعالة لمواجهة مختلف المخاطر التي تهدد الكيان العربي، وارغام كل اللاعبين في المنطقة على إعادة النظر في حساباتهم وخططهم ومطامحهم ومطامعهم.

فهل ستحقق القمة ما ينتظر منها وتكون قمة انقاذ لمستقبل منطقة غارقة في السواد؟ وهل سيتحقق الاجماع رغم تباين المصالح واستمرار التجاذبات بين الدول العربية؟ وهل سيؤثر مقعد سوريا الشاغر على ما سيتم طرحه من استراتيجية لمحاربة داعش؟ وهل ستؤثر الدول الداعمة للتيارات الاسلامية والمتورطة في تمويل التنظيمات الجهادية على الارادة العربية المتجهة نحو قوة عربية وتعاون امني وتنسيق معلوماتي لاجتثاث الارهاب من جذوره؟


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: