فى ذلك الوقت - وفقا لتصورات متنوعة وخطابات مختلفة ولكن الحال تبدل تماما بعد 40 عاما فقط لتعلو الأصوات الرافضة للخصخصة والمنادية بعودة الدور المركزى للدولة خصوصا فى مجال إدارة الدولة للخدمات وما يستلزمه ذلك من إعادة تحديد قواعد اللعبة من أجل تشجيع عودة الدولة لممارسة دورها دون أن يكون ذلك على حساب مشاركة القطاع الخاص!
واللافت للنظر أن هذا التغير الحاد فى المزاج العام داخل مصر منذ يناير 2011 يجىء فى وقت تجرى فيه مراجعات علمية وبحثية حول بعض المفاهيم المرتبطة بالعولمة كالحكم الرشيد والخصخصة والتنمية المستدامة والتنظيم والتغيرات الطارئة على دور الدولة فى ظل العولمة خصوصا بعد أن سقطت على أرض الواقع نبوءة «نهاية الدولة» التى كان قد تنبأ بها بعض الباحثين وثبت أنها نبوءة خاطئة حيث لم ينته دور الدولة ولكنه تحور وتطور متخذا بعدا جديدا فيما يتعلق بأساليب التنظيم المطلوبة لمواجهة رياح العولمة وعواصفها المدمرة!
والحقيقة أن العولمة ليست شرا كلها باستثناء ما كان يستهدفه المروجون لها من تهميش اهتمام الشعوب بقضية سيادة الدولة ومقتضيات الاستقلال الوطنى ومن ثم فإن بإمكان الدول الآخذة فى النمو - مثل مصر - أن تتجنب السباحة ضد تيار العولمة ثم تعمل على قطف أفضل زهورها من خلال توسيع قاعدة المعلومات المعرفية بعيدا عن الممارسات البيروقراطية!
ولابد أن نعى أنه قبل وبعد الخصخصة يظل التحدى قائما ومتمثلا فى كيفية توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة المتعلقة بالأرض والسكن والمياه والصرف الصحى والمواصلات العامة لأن الصراخ الذى كان موجها فى الماضى ضد الدولة باعتبارها غير فعالة وغير عادلة يتحول اليوم باتجاه الدولة باعتبارها متهاونة فى التعامل مع أثرياء الخصخصة... ولسان الحال يقول إن الدولة هى الملجأ الأخير!
خير الكلام:
<< الطريق طويل يحتاج صوت البلابل.. وليس أصوات الغربان!