كل ليلة يرتفع الصراخ وترتعش الايادى وتنزوى العيون أمام الكاميرات حيث تندفع العفاريت فى مشاهد جرثومية تحاصر المشاهدين من كل جانب.. انفضت مشاكل مصر تماما.. توفرت المساكن بدلا من العشوائيات .. وانتهت مشكلة التكدس والزحام واختفت أزمة المرور وارتفعت لغة الحوار واصبحت كل أسرة مصرية تسكن قصراً منيعا ولم يبق غير ان نلعب قليلا مع العفاريت لعبة القط والفأر.. والقط هو المواطن المصرى والفأر هو العفريت الذى يرتدى احيانا أثواب امرأة وفى احيان اخرى اثواب رجل .. فى فترة مضت انتشرت فى عهد «الإخوان المسلمون» فضائيات العلاج بالعفاريت ووجدنا كل ليلة رجلا يحضر العفريت ويشفى الأمراض من خلال جلسات مع الجن واختفت هذه الجلسات المشبوهة حتى ظهرت علينا اخيراً بعض البرامج التى شغلت المصريين عن دنياهم وأخرتهم فلا هم قاموا للصلاة ولا هم عالجوا مشاكلهم فى الحياة ولكن الجميع اندفع نحو برامج العفاريت وبدأ استئجار الناس للمشاهدة والمشاركة والصراخ.. والغريب ان كل برنامج يحاول ان يستقطب المزيد من الإعلانات ونسبة المشاهدة على صور مشوهة واشخاص يحتاجون إلى علاج نفسى بما فى ذلك مقدمو البرامج انفسهم.. هذه الحالة من التخلف العقلى والفكرى والسلوكى هى الجانب الآخر من العشوائيات وهى الصورة المكملة لمنظومة الأمية التى اكلت عقول 30 مليون مصرى فى السنوات العجاف وهى استكمال لمسلسلات الردح فى رمضان وهى جزء من مداخلات البذاءة التى يسمعها اطفالنا كل ليلة.. أن اخشى ما اخشاه أن تتحول الفضائيات إلى برامج للعفاريت نستريح من المذيعين والمذيعات لنشاهد كل ليلة عفريتا من الجن ينقلنا إلى العالم الآخر حيث لا مكان لنا فى هذا العالم وعلينا أن ننطلق وراء الفضائيات ليلحق كل واحد منا بعفريت بعد أن ثبت أن الفتيات متزوجات من العفاريت وكل واحد يدور على عفريته