رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قضــايـا بيــن عاميـن
الحريات.. باب النجار "مخلع"

هانى عسل
بين 2014 و2015، تغيرت مفاهيم، وتبدلت قضايا. سقطت أقنعة عن كثيرين، وانكشفت الحقائق عن آخرين، ووصل الأمر إلى درجة الفضائح فى بعض الحالات.

مع بداية كل عام، تستحوذ هذه القضايا الرئيسية على الحيز الأكبر من اهتمام شعوب العالم، ومع نهاية كل عام ، يجلس المحللون والخبراء لتقييم ما حدث على صعيد هذه القضايا والموضوعات، وللتنبؤ بما يمكن أن يحدث بشأنها فى العام المقبل.

بالتأكيد، كانت قضية الإرهاب هى القضية الأم فى 2014، والدلائل تشير إلى أنها ستكون أسوأ فى 2015.

قضية الحريات فى 2015، لن تكون كما كانت عليه فى 2014، فلن تكون قضية ابتزاز بعد الآن.

وقضية الطاقة ستحتل اهتماما كبيرا، فى ظل التراجع الحاد فى أسعار البترول وتزايد استخدام مصادر الطاقة المتجددة.

والأزمة المالية تراجع الاهتمام بها نسبيا بعد هدوء حدة الأزمة، وبخاصة فى الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن تبقى قضية الفساد التى لا تنتهى إلا بنهاية الجنس البشري.

وقضية المناخ، أصبح الحديث عنها من كثرته، أقرب إلى السخف، رغم خطورة القضية، والسبب أن الدول الكبرى التى تقع عليها المسئولية الأكبر فى علاج هذه الأزمة تتجاهل القيام بدورها حتى يومنا هذا.

على أى حال، هذه نظرة سريعة على أبرز قضايا العصر بين عامين.


لا نبالغ إذا اعتبرنا عام 2014 هو العام الذي تم فيه دفن قضية الحريات بالحياء على يد أكبر المدافعين عنها، بعد أن اتضح نفاقهم وكذبهم!

على مدى سنوات بل عقود طويلة، أعطت الدول الغربية لنفسها الحق في الحديث عن قضية الحريات في أي دولة على وجه الأرض، انطلاقا من قيم العولمة التي تدافع عنها ، والتي من بينها قضية حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر وحرية الإعلام وتداول المعلومات.

كانت الانتقادات التى توجهها الدول الكبرى والمنظمات الحقوقية التابعة لها، وكذلك كتائب الإعلام الغربي، لاذعة وعنيفة، وتعطى مختلف دول العالم إحساسا بعدم النضج، بل ووصل الأمر إلى حد أن بعضا من هذه الدول الكبرى، التى تدافع عن الحريات، انتهكت سيادة دول على أراضيها، وتدخلت بوقاحة متناهية فى شئون دول أخرى، بل ودافعت عن سياسات وتصرفات بعضها فوضوى والآخر يرقى إلى درجة الإرهاب، وكل ذلك فى إطار ما يمكن تسميته بـ"تجارة الحريات" الرائجة.

شارك فى هذه التجارة دول كبرى، ومعها منظمات حقوق الإنسان التى تنفذ سياساتها، من منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش، فضلا عن كبار الكتاب والمنظرين فى الصحف ووسائل الإعلام الكبرى، ومراكز الأبحاث والدراسات، ووصل الأمر إلى درجة تسخير مؤسسات دولية مرموقة كبرى لخدمة هذه الأغراض، فرأينا جوائز دولية مرموقة يتم منحها إلى أشخاص مشبوهين تسببوا فى الإضرار بدولهم وشعوبهم، ورأينا الدعوات بالزيارة وإلقاء المحاضرة تنهال على أشخاص أقل ما يوصف عنهم إنهم أقرب منهم إلى العملاء، فى تكرار لنموذج تم بالفعل من قبل فى دول مثل العراق وأفغانستان.

ولكن، لأنه لا يصح إلا الصحيح، فعلى الرغم من انبهار بعض الشعوب بهذه المفاهيم، التى قد تبقى جميلة وراقية لو تم تطبيقها بعيدا عن الأغراض السياسية، فإن هؤلاء المنبهرين ومرددى هذه الشعارات وجدوا أنفسهم فى حالة "فصام" حقيقية وهم يشاهدون أمثلة كثيرة على "بالونة" قضايا الحريات وحقوق الإنسان، وأين؟ فى الدول التى تلقى إليهم بالمحاضرات عن هذه القضية ليل نهار، بل وتفرض العقوبات وتمول وتدعم الثورات الفوضوية المسلحة التى تهدف إلى تقسيم وتخريب دول بأكملها.

بقضية الحريات، دخلت الأطماع الغربية إلى دولة مثل أوكرانيا، وكانت النتيجة تقسيم الدولة هناك إلى ثلاثة أجزاء، واندلاع حرب أهلية، والدخول فى صراع مع روسيا، فضلا عن تردى الأوضاع الاقتصادية فى هذا البلد الذى كان قطعة من الاتحاد السوفيتى السابق.

بقضية الحريات، توغلت الشعارات الغربية فى إقليم هونج كونج بهدف "العكننة" فقط على الصين ومحاولة ابتزازها، وثبت لاحقا أن المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية أنفسهم لا يعرفون ما الذى يفعلونه.

بقضية الحريات، توغلت دول غربية كثيرة فى أحداث ما يسمى بالربيع العربى وحولته إلى كابوس، وبخاصة فى سوريا وليبيا واليمن، ولم ينج من هذا الكابوس بأعجوبة سوى تونس التى يرفض شعبها المنصف المرزوقى رئيسا، ومصر التى منعت مخططا تقسيميا أكبر مما كان يتخيله البعض، بل لا يزال كثيرون لا يستوعبون مدى خطورته وتفاصيله حتى يومنا هذا!

المتيمون بـ"تجارة" الحريات وحقوق الإنسان، وجدوا أنفسهم مطالبين بالإجابة على تساؤلات بعض شعوب المنطقة : لماذا تدافع الدول الحرة الكبرى عن إرهابيين وفوضويين وتتحدث عن حقوق نشطاء ومسجونين ومعتقلين، ولا تدافع عن الشعوب نفسها؟ ولماذا تدافع هذه الدول عن إرهابيين ومتطرفين وصلوا إلى الحكم بطريق الخطأ بدعوى أن هذه هى الديمقراطية؟

المتيمون بهذه التجارة تعرضوا لعدة صواعق عندما ضبطوا الدول الكبرى نفسها متلبسة بأبشع انتهاكات حقوق الإنسان والحريات فى العالم. وأيضا عندما اكتويت دول غربية بنيران الارهاب الذى استغل سذاجة القوانين.

فهذه تركيا تمارس سياسات استبدادية حولتها فى عهد إردوغان إلى ما يشبه السلطانية العثمانية القديمة، وهذه أمريكا تعتدى بوحشية وعنصرية على المتظاهرين والأقليات عكس ما تعترض عليه من سلطات الأمن فى دول أخرى تواجه متظاهرين مسلحين. وهذه بريطانيا وأستراليا وفرنسا تتخذ قوانين وتشريعات جديدة ومشددة من بينها إسقاط الجنسيات ومراقبة الإنترنت للحد من ظاهرة تجنيد التكفيريين عبر النت لتنظيم داعش الإرهابي.

لم يعد مفهوما، لماذا تسمح الدول الحرة لنفسها باستخدام القوة وإنفاذ القانون، بل وبطرق وحشية، ضد متظاهر سلمى مثل مايكل براون ابن ميزوري، وتتذمر وتعترض على شرطة دولة أخرى فى اعتقال أو محاكمة متظاهر أقل ما يقال عنه إنه إما فوضوى أو إرهابي.

لم يعد مفهوما، كيف توفد دول جواسيسها وعملاءها للحديث عن حقوق إنسان ومعتقلين، وهى تستخدم أبشع وسائل التعذيب فى سجونها كما رأينا فى تقرير المخابرات الأمريكية.

ففى 2014، انكشفت كل الحقائق، وسقطت ورقة التوت عن دول ترفع شعارات الديمقراطية والحرية، وفى عام 2015، سيسقط المزيد من الأوراق، ويبقى الدرس المستفاد من النهاية هو : كم من الجرائم ترتكب باسم قضية الحريات! ومن لايعرف الاجابة فلينظر إلى حالة «مؤنس هارون»

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق