الحكومة الإسرائيلية وافقت الأحد قبل الماضى بعد نقاش عاصف على نص مشروع القانون المثير للجدل، داخل إسرائيل وخارجها، ثم ناقشت أمس صيغة معدلة منه قبل تقديمه للكنيست.
وينص مشروع القانون على تغيير تعريف إسرائيل فى القانون الأساسى - أو الدستور - من كونها "دولة يهودية وديمقراطية" لأن تصبح "الدولة القومية للشعب اليهودي".
ويرى خبراء أن نيتانياهو بمشروع القانون هذا يرضى اليمين المتطرف الذى يشكل جزءا لا يستهان به فى حكومته الائتلافية المنقسمة، والتى شكلها "بيبي" منذ 20 شهرا، وسط حديث حول قرب إجراء انتخابات مبكرة.
وقوبل هذا المشروع بهجوم عاصف من السياسيين الإسرائيليين البارزين، وعلى رأسهم الرئيس الإسرائيلى روفين ريفلين نفسه - وهو من حزب الليكود - الذى أعلن أنه لا يتفهم الهدف من وراء هذا القانون، مشيرا إلى أن "إعلاء شأن الطابع اليهودى للدولة على حساب طابعها الديمقراطى يشكل تهديدا لمباديء إعلان الاستقلال الذى يؤكد أن اليهودية والديمقراطية قيمتان تحظيان بالأهمية ذاتها".
وواجه القانون المقترح انتقادات حادة أيضا من وزراء الوسط واليسار، وعلى الأخص وزيرة العدل تسيبى ليفنى ووزير المالية يائير لابيد، واللذين أبديا مخاوفهما من التأثيرات شديدة الخطورة لإقرار قانون كهذا، وكذلك قلقهم على مصير فلسطينيى 1948 الذين يشكلون 20% تقريبا من سكان إسرائيل.
وأغلب الانتقادات بشكل عام تخشى من رد فعل الفلسطينيين والمجتمع الدولى على مشروع القانون، خاصة وأنه يضع الدين فوق الديمقراطية ويحول إسرائيل إلى دولة دينية محضة، فضلا عن أنه يهمش الأقلية العربية.
ولعل هذا ما عبر عنه مناحم كلاين أستاذ السياسة الإسرائيلية بجامعة بار إيلان قرب تل أبيب، حيث وصف حكومة نيتانياهو الحالية بأنها "أكثر حكومة يمينية فى تاريخ إسرائيل .. بل أكثر ميلا لليمين من حكومات مناحم بيجن أو أرييل شارون."
وأضاف فى تصريح نقلته وكالة الأنباء الفرنسية : "هو - أى نيتانياهو - يعتقد بأن الانتخابات المبكرة تلوح فى الأفق، كما أنه ينافس وزير الخارجية "القومي" أفيجدور ليبرمان ووزير الاقتصاد المؤيد للاستيطان نفتالى بينيت على قيادة أقصى اليمين".
ولكن نيتانياهو دافع باستماتة عن هذا القانون، والذى وصفه بأنه "الضمان الحقيقى لمستقبل الشعب اليهودى على أرضه"، و"تأكيد للحق القومى للشعب اليهودى على أرضه".
إذن، فالخطة اتضحت الآن، فدولة إسرائيل التى هى أصلا تحوم الشكوك حول كونها دولة طبيعية، فى طريقها لأن تصبح دولة يهودية فى توقيت متزامن مع خيوط مؤامرة تحاك فى المنطقة لإقامة دولة دينية أخرى هى الدولة الإسلامية المزعومة، أو دولة الخلافة، دولة "داعش" الإرهابية، وهو ما يؤكد أن ظهور داعش، وما قبل ذلك من مخططات لتقسيم المنطقة العربية، ليست سوى النصف الأول من خطة "سايكس بيكو" القرن الحادى والعشرين التى تقوم على قيام دولة يهودية وأخرى إسلامية متطرفة، وهى الخطة التى أفسدت ثورة 30 يونيو فى مصر الجزء الأكبر منها.