وما الذى يمكن أن يكتب أو يذاع وما لا ينشر أو يبث وكيفية التعامل مع مثل هذه القضايا التى تسمى قضايا رأى عام ومتى تناقش ومع من تناقش وفى أى جانب من جوانبها القانونية أو غيرها الذى يمكن أن يطرح على الرأى العام سواء كان الأمر متعلقا بقضايا منظورة أمام القضاء أو قضايا صدرت أحكام بشأنها!
إن مثل هذه المحاولات كما يقول الصديق العزيز الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد فى كتابه «كلمة لبلادى» الذى أهدانى إياه عام 2007 تعد شيئا خطيرا ونشازا بل يشكل جريمة فى القانون منذ ما يزيد على خمسين عاما بما يسمى «امتهان العدالة» إذ كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للمادة 187 عقوبات عن خطورة هذا الأمر إذا ما تحسب القاضى لاعتبارات الرأى العام.. أو إذا تصدى الرأى العام للحكم على ما يصدره القضاء من قرارات وأحكام.
ومعنى ذلك أن اختراق العدالة على شاشات الفضائيات أو صفحات الصحف جريمة بحكم القانون لأنه اختراق لهيبة القضاء ومستلزمات صون إجراءات التقاضى التى ينبغى أن تظل قائمة حتى انتهاء درجات التقاضى ومن ثم يتحتم وقف أى مساجلات بشأن أى قضية بعيدا عن ساحة العدالة نفسها أو بعيدا عن أوراق القضية ومستنداتها بأكملها تجنبا لتكدير الجو العام أثناء المحاكمة أو بعد صدور حكم فى إحدى مراحلها فالقاضى عندما ينطق بالحكم فى أى قضية فإنه يستهدف تأكيد العدل والإنصاف مستندا إلى اعتلائه منصة القضاء التى تحصنه من المساءلة ومن ثم لا يخضع سوى لضميره وللقانون.
وعلينا جميعا أن ننحنى احتراما لأحكام القضاء لأنه الحصن الأخير لاستقرار هذا الوطن.. وكما نعلم فإنه فى كل قضية طرفان «فاعل ومفعول» أى «جانى ومجنى عليه» وقد تتجمع الأدلة فى ظروف ما ضد فاعل بعينه على حين يظل الفاعل الأصلى مجهولا حتى تتمكن الأجهزة المختصة من الوصول إليه وتقديمه للمحاكمة.. وهذا هو التحدى الذى يستحق الاهتمام والمتابعة!