عزيزي فكر للحظة واحدة.. قبل أن تأخذك الجلالة ويحمّر وجهك وتصب جام غضبك وتوجه سهام نقدك على المسئولين عند حدوث أزمة ما أو حادث (انهيار عقار، إهمال المستشفيات، حوادث الطرق،...) فكر أولاً في شيء واحد.. وهو أن المسئولية مشتركة ولا يمكن أن تقع على كاهل أفراد بعينهم.
نرى مشهداً يتكرر كثيراً عند حدوث أي من تلك الأزمات؛ نكتفي فقط بالبكاء على اللبن المسكوب... تقام البرامج ويتبارى المقدمون في الصراخ وكيْل الاتهامات، وتأتي بعدها بشهور مشكلة أخرى.. فنجد "الشطارة" فقط في الكلام.. والمبالغة في الانفعالات العاطفية، وإطلاق الأحكام المعممة مع كل حادث.
لا يمكن أن يتحمل أشخاص دون غيرهم وحدهم إرث أخطاء سابقة انتشرت كالفيروس وأصابت الأجهزة الإدارية والمؤسسات.. وليس هذا دفاعاً عن الحكومة، بل بالعكس لا أعفيها من المسئولية والبطء في التعامل مع الأزمات واتخاذ القرارات وعدم تفعيل القوانين وتطبيقها بكل حسم وصرامة.
ومما لا شك فيه أن الأزمات والحوادث غالباً تقع نتيجة أخطاء بشرية، ولها أسباب؛ ترجع لغياب الوعي، والإهمال، والاستهتار بالقوانين وبحياة الآخرين، وحينها يتشدق المتحذلقون بآراء غريبة وإلقاء اللوم.. دون أن يأخذ الواحد منهم بزمام المبادرة لتعديل سلوكياته والتصرف بإيجابية، والعمل على إيجاد حلول للقضايا، وكأن المسئول وحده هو الشماعة التي يجب أن نعلق عليها الأخطاء.
ولنعلم أن أزمتنا الحقيقية هي أزمة ضمير، فحين يموت الضمير يصبح كل شيء مباحاً.. يسود الإهمال.. تكثر الحوادث.. يزور الكلام، نخوّن بعضنا، تهون أوطاننا، يُزيف التاريخ، تتبدل الحقائق، تتعطل إنسانية الفرد، وتفقد حواسه قيمتها، يتحول الإنسان لوحش كاسر؛ ينتظر فريسة للانقضاض عليها، وتصير أسنانه حادة، واللحم الإنساني سهل المضغ، ويصبح الحلال حراماً و الحرام حلالاً، تغفو العقول وتثور الأحقاد، وتتحجر القلوب.
لذلك أرى ضرورة وجود رقابة وتفعيل للقوانين، ليس هذا فحسب، بل إجراء لجان حقيقية من ذوي الخبرة والمتخصصيين أصحاب الحلول الخلاقة؛ لإدارة أزماتنا، ووضع حلول جذرية وفعالة لمشاكلنا الحقيقية.
لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة رابط دائم: