وعندما أراد البرازيليون التعبير عن سخطهم من رئيستهم روسيف كان ذلك بصيحات الاستهجان فقط، وحتى عندما جاءت الخسارة أمام الألمان، وتوقع بعض معلقينا بسذاجة أن البلد «ها تولع» هناك، لم يحدث شغب ولا عنف ولا تحطيم مبان ولا قطع طرق!
في المونديال، لم تكن هناك رسائل تحريضية ولا بيانات استفزازية على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لحرق هذا أو قتل ذاك أو اقتحام الملعب الفلاني أو تلقين الآخرين درسا، رأينا احترام الجميع للعلم الوطني، وحماسا عند ترديد نشيد كل دولة قبل المباريات، لدرجة أنك تكاد تشعر أن حربا ستبدأ، وشاهدنا منافسة رياضية محتدمة داخل المستطيل الأخضر، بل كل أنواع الصراع والركل واللكم و«التمثيل» على مدى 90 دقيقة، ولكن بعد المباراة، الجميع يتصافح بكل أدب وود، ويخضع للقانون، القانون الكروي والإنساني.
استمتعنا بسلوكيات الشعوب المتحضرة، فلم نر لاعبا يشيح بيده، ولا مدربا يشير بعلامة الرشوة، ولا إداريا يحاول اقتحام الملعب ليأخذ حقه بدراعه من الحكم، فالحكم هو السلطة والقضاء والقانون، والسلطة يجب أن تحترم، ورأينا كيف تم التعامل مع عضة سواريز ومع شمروخ الجزائر، وحتى مع حكم الافتتاح.
ولذلك، لم يكن غريبا أن نرى الدول المتقدمة اقتصاديا وعلميا في أوروبا والقوى الصاعدة في الأمريكتين هي التي تفوز وتتطور، والكسالى يخسرون ويتراجعون.
أما نحن، فاكتفينا بالفرجة كالعادة، وهذا ليس عيبا، ولكن العيب، بل العار، أن ننتهي من الفرجة الليلة دون أن نتعلم شيئا، لا الكورة ولا الحضارة!