ومن حقه أن يرفض أى منصب يعرض عليه بالتعيين فى الفترة المقبلة رغم أن أحدا لم يفاتحه فى ذلك، ومن حقه أن ينال عبارات الشكر لدوره الوطنى لأنه تكرم ورفض الانسحاب من السباق رغم انتهاء الموعد القانونى للانسحاب، ومن حقه سحب مندوبيه من اللجان رغم أنه لم يكن لديه مندوبون أصلا فى كثير من اللجان، ومن حقه أيضا أن يصفه معجبوه بأنه بات زعيما للمعارضة، رغم أنه لم يحصل على المركز الثاني! كل هذا من حقه، وعلى العين والرأس، ولكن الآن، من حقنا نحن أيضا أن نحاسبه على أشياء كثيرة لا يجب أن تمر هكذا.
لقد خاض صباحى الانتخابات الرئاسية تحت مسمى «مرشح الثورة»، والمقصود هنا ثورة يناير، أو ربما أى ثورة، أو الثورة التى لا يريدونها أن تنتهي، وهذا أيضا من حقه طبعا، ولكن ليت الأمر اقتصر على «الشعار» فقط، فصباحى وأنصاره الذين كانوا يرددون ما شاءوا من هتافات «ثورية» أفهمونا بأنهم هم وحدهم الثورة، وانتخاب صباحى يعنى نجاح الثورة، وأن الثورة ستحكم أخيرا، وأن عدم نجاحه معناه أن الثورة المضادة ستحكم، أو أن نظام مبارك سيعود، بل إن منافسه ومؤيديه وأعضاء حملته الانتخابية تعرضوا لاتهامات أيضا من هذا القبيل، ووصل الأمر إلى درجة التخوين المبدئى لكل من اختار الطرف الآخر!
وجاءت الانتخابات الكاشفة وحصل مرشح الثورة على 3% «بالعافية» بمن فيهم أحزاب الصوت العالى مثل الدستور والكرامة والتيار الشعبى وتحالفات ثورية ترفع الآن شعار الأصابع الثلاثة، أى الوسط بين شعارى رابعة و30 يونيو، وهذا أمر لم يكن غريبا أو مستبعدا، ولكنه يطرح احتمالين لا ثالث لهما: فإما أن المؤمنين بثورة يناير فى مصر لا تتعدى نسبتهم 3%، أو أن المصريين لم يقتنعوا بأن صباحى ومن حوله يمثلون الثورة!
وكلاهما صحيح، والمسئول عن ذلك صباحى نفسه الذى قدم للناخبين الصورة الأخرى للثورة، فكان كل همه العفو عن معتقلين ونشطاء رغم أنف القضاء، وإسقاط قانون التظاهر الذى تبين أن 94% من المصريين يؤيدونه، وأحاط نفسه بـ «الهتيفة» وأصحاب الشعارات الثورية، فى الوقت الذى كان فيه منافسه يحيط نفسه بالكبار بحق، ويتحدث عن احترام الدولة والدستور والقوانين، ويطلب من المصريين العمل قبل المطالب، فكان الفارق شاسعا بين مرشح خاطب الحناجر والأرجل، وآخر خاطب القلوب والعقول!