.. أخطأ المصريون عندما اختاروا رئيسا يتحدث باسم الدين، واكتشفوا الخطأ عندما تجاهل هذا الرئيس "الإسلامي" قاعدة درء الفتن وحقن الدماء، واختار الحرب من أجل السلطة.
أخطأ المصريون عندما انتخبوا رئيسا لمجرد خوفهم من عواقب عدم اختياره، تحت شعار "رئيس فلول أو تزوير .. الشعب ها يملى الميادين"، وتبين لهم أن منطق "الاختيار خوفا" يؤدى لعواقب أسوأ.
وأخطأ المصريون عندما رجحوا كفة رئيس أوهمهم بشعارات ثورية شعبوية، تحولت فى رئاسته إلى تقنين للفوضى وانتهاك لدولة القانون.
وأخطأ المصريون عندما اختاروا من خدعهم ببرنامج انتخابى وهمى تأكدوا من كذبه بعد مائة يوم.
وأخطأ المصريون عندما اختاروا رئيسا ينتمى إلى الحزب أو التيار الأقوى على الأرض، فكانت النتيجة أن استقوى هذا الرئيس وتياره على الشعب.
وعلى الرغم من أن المصريين صححوا هذه الأخطاء فى ثورة 30 يونيو، فإن التصحيح "العملي" لهذه الأخطاء، سيكون فى الانتخابات الرئاسية المقبلة التى سيتوجهون فيها إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الذى يستحق فعلا شرف تأمين وحماية وخدمة وإدارة شئون هذا الشعب.
ولشعوب العالم ثقافات وطرق مختلفة فى اختيار رؤسائها، فهناك شعوب تختار الزعيم الثورى المناضل ذا التاريخ البطولي، كما حدث مع نيلسون مانديلا فى أول انتخابات حرة فى جنوب أفريقيا عام 1994، وهناك من يختار البرنامج الانتخابى الأفضل، وهناك من يختار الأكثر وسامة وأناقة وجاذبية، وهناك شعوب تختار الرئيس الذى ينتمى إلى أكبر قبائل البلاد ليتمكن من بسط نفوذه عليها، وهناك من يختار الرئيس ذا الخلفية العسكرية، وهناك من يختار الرئيس المنتمى إلى الحزب الأفضل، وهناك من يهتم كثيرا بأمور أخرى مثل النائب أو السيدة الأولى أو أسرة الرئيس، وغير ذلك من النقاط التى نستعرضها فى هذا الملف. ومع ذلك، فهناك شعوب تتمتع بخبرات طويلة فى الحياة الديمقراطية، وترتكب نفس أخطاء الاختيار التى وقع فيها المصريون فى انتخابات 2012، بدليل انتخاب الأمريكيين يوما ما رئيسا مثل جورج بوش الابن!
ونحمد الله أن المصريين تجاوزوا هذه المرحلة مبكرا واستفادوا من أخطائها، والمؤكد أنهم بالفعل .. سيختارون الأفضل.