فحيثيات قرار استئناف المساعدات جزئيا لمصر بها عبارات واضحة تنطوى على تلميحات خبيثة توضح أن الغباء الشديد مازال مسيطرا على صانعى القرار فى إدارة أوباما تجاه ما يجرى فى مصر رغم الجهود الدبلوماسية المبذولة من جانبنا لتصحيح الصورة، وهى جهود ينطبق عليها المثل الشعبى: «علم فى المتبلم»!
فأمريكا قالت إنها أفرجت عن الأباتشى فقط بهدف حماية الأمن القومى لمصر وأمريكا وإسرائيل «معا»، ولمساعدة مصر على محاربة الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء.. (لاحظوا: فقط فى سيناء)، وقالت أيضا إنها لن تستأنف المساعدات إجمالا لأنها لم تتأكد بعد من جدية الانتقال الديمقراطى فى مصر.
إذن أمريكا مقتنعة بأن مصر بعيدة عن الديمقراطية، وترى أن مشكلة الإرهاب فى مصر الآن هى فى سيناء، ولا دخل للإخوان به، فالجماعة ـ فى نظر أمريكا ـ حركة معارضة تنظم مظاهرات سلمية، وليست مسئولة عما تشهده المحافظات المصرية من اغتيالات واعتداءات على الممتلكات وتخريب وبلطجة طلاب الجامعات، وإنما هى حيل أمنية لإلصاق تهمة الإرهاب بالجماعة، فهذا هو منطق الإعلام الأمريكى، وهو نفس المنطق الذى يمكن أن تسمعه إذا قادك حظك العاثر يوما للدخول فى حوار مع أحد «مشجعى» الإخوان!
ومن يتابع الإعلام الأمريكى جيدا «يُفجع» بحق، فشعب مصر بالنسبة له مجرد إخوان ونشطاء ومعتقلين ومدونين وصحفيى الجزيرة، مشاعره لا تتحرك لاستشهاد رجل شرطة أو جيش أو مواطن عادى أو ترويع شعب بأكمله، ولا تعنيه بيانات تحالف الشرعية وتغريدات قيادات الإخوان الإجرامية، ولكنه شديد الحماس والهمة مثلا فى تغطيته لوقفة 50 ناشطا أمام الاتحادية!
والغباء الإعلامى يعقبه غباء سياسى.. والأغبى من يصدق أمريكا عموما!