وهو الأمر الذى نقل الحملات الانتخابية من الحائط والشارع إلى ساحات الشبكات الاجتماعية مستفيدة باتساع قاعدة المستخدمين وبسهولة توظيف الرسالة الإعلامية فى عملية التأثير فى الناخبين ودفعهم الى المشاركة السياسية.
تستخدم الشبكات الاجتماعية فى شن الحملات الالكترونية لرخص التكلفة وسهولة تكوين ونشر الصور والفيديوهات الدعائية، وإتاحة الفرصة لكسر فترة الصمت الانتخابى وضعف الرقابة على سقف التمويل، وهو ما يمثل تجاوزا لقيود اللجنة الانتخابية المشرفة على الانتخابات. وتمثل الحملات الالكترونية تحولا فى مجال الدعاية الانتخابية عبر قدرة الفاعلين السياسيين فى التعبئة والحشد والتأثير فى توجهات الناخبين وتغطية عملية التصويت والرقابة وإعلان النتائج واتاحة الفرصة لمشاركة المتطوعين فى تنظيم الفاعليات الانتخابية الى جانب الحملات الرسمية للترويج لحملة داخل عبر الروابط الشبكية والتجمعات الإلكترونية، ولا تميز العضوية بها على أساس العمر أو الجنس أو الدين أو الموقع الجغرافى، وهو ما يجعلها ساحة مفتوحة للتعبير عن تنوع وجهات النظر وبمدى تمثيلها فى الشارع السياسى. ومدى جاذبيتها فى نشر الدعاية عبر عدة طرق منها إطلاق مواقع للانترنت للمرشحين أو قنوات على «اليوتيوت» أو بتدشين صفحة رسمية على الفيس بوك او حساب على تويتر، ويتم استخدام عدد المشاهدات أو عدد المعجبين للصفحات أو التغريدات والهاشتاج على تويتر كمؤشر على نجاح الحملة الالكترونية
وما يزيد من تأثير ذلك تحول شبكات التواصل الاجتماعى إلى مصدر للأخبار للصحف وللقنوات الفضائية، وهو ما يزيد من تأثيرها فى توجهات الشباب وهم القاعدة الانتخابية العريضة والأكثر استخداما وناشطية وتأثرا بالأوضاع الاقتصادية والأمنية، وارتباط ذلك بعدم وجود مؤسسات تمثيلية منتخبة تمارس الرقابة والتعبير عن المطالب وهو ما يعزز دور الشبكات الاجتماعية فى المرحلة الانتقالية،وفى ظل بيئة جديدة تتميز بوصول عدد مست خدمى الانترنت إلى 40 مليونا ووصول مشتركى الفيس بوك الى ما يزيد على 17 مليون مستخدم، كما يتابع 35% من مستخدمى الانترنت «تويتر». فضلا عن ما يزيد على 90 مليون مشترك فى الهاتف المحمول. ويمتلك الفاعلون فى الحملات الالكترونية القدرة على مخاطبة وصياغة اهداف الجمهور والتلاحم مع مشاكله بدرجة اكبر وأسرع من المؤسسات الإعلامية التقليدية والتى ينعكس نمط ملكيتها على أدائها الإعلامي.
وحظيت الحملات الالكترونية على كثير من الأهتمام من قبل المرشحين والذين يتسابقون على اطلاق حملتهم الالكترونية عبر تدشين المواقع الرسمية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى للتعبير عن برنامجهم الانتخابى وانجازاتهم ورؤاهم للمستقبل والرد على منتقديهم وتغطية نشاطهم الإعلامى من مؤتمرات أو تغطيات لنشاطه فى الصحف المختلفة،وتعزز الحملات الالكترونية من القدرة على التأثير فى جمهور الناخبين عبر تعبئة المؤيدين الحاليين أو جذب مؤيدين جدد أو التأثير فى المعارضين الاخرين.
حدود الفاعلية فى التعبئة الانتخابية
تحولت الحملات الالكترونية الانتخابية الى سلاح فى ادارة الصراع السياسى بين الفرقاء السياسيين، وتراوح ذلك ما بين استخدامها كوسيلة للدعاية الانتخابية أو للعمل على وقف المسار السياسى برمته عبر تنشيط دور اللجان الالكترونية فى استخدام الدعاية السوداء، وهو ما يعبر عن دخول اطراف اخرى مجال الحملات الالكترونية بين المرشحين من اجل تحويلها إلى طابع احتجاجى وانتقامى من قبل نشطاء من «أنصار جماعه الإخوان المسلمين»، الذين لديهم خبرة فى توظيف القدرات التقنية والتسويقية لتسريع الانتشار الكمى للحملات الالكترونية فى نشر الشائعات والحرب النفسية والسب والقذف أو نشر المعلومات الخاطئة أو فبركة الصور أو الأخبار أو الفيديوهات لتوظيفها سياسيا لشحن الرأى العام ليس فقط المحلى بل العالمى ايضا ضد العملية السياسية، ويأتى ذلك مع صعوبة قيام الأجهزة الأمنية بحجب صفحات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعى مقارنه بحجب المواقع الالكترونية،وعدم تبنى قانون لمكافحة الجريمة الالكترونية.وهو ما يفتح الطريق إلى القرصنة السياسية بين الفرقاء باللجوء إلى الاختراقات الالكترونية المتبادلة،وهو ما يعبر عن عدم وجود ثقافة الاختلاف واحترام حرية الرأى والتعبير.
ولا ينبغى أن تقاس قوة الحملات الإلكترونية بعدد المشاركين فيها أو عدد الاعجابات على الفيس بوك أو بحجم التغريدات أو الهاشتاج ،وقد يكون جزء كبير منها اقل من السن الانتخابى أو ممن لا يحملون الجنسية المصرية أو وجود اعجابات وهمية أو وجود حسابات مكررة لنفس الشخص..
فرص التوظيف السياسى الناجح
تلقى الحملات الالكترونية اهتماما كبيرا من المرشحين فى الانتخابات الرئاسية نظرا لصعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية وللمزايا التى توفرها فى خدمة الدعاية الانتخابية ولطبيعة الفئة الانتخابية المستهدفة من الشباب. ويرتبط نجاح الحملات الالكترونية فى التأثير فى الناخب بقدرتها على الانتقال من الطابع الالكترونى إلى ارض الواقع فى شكل فاعليات انتخابية موازية، ومخاطبة العقل بدلا من العاطفة والالتزام بالمصداقية والسرعة فى ردود الأفعال، والتى تعمل على دعم الالتصاق بمطالب الناخبين الفعلية من اجل كسب ثقتهم وتحفيزهم على المشاركة الايجابية عبر الذهاب الى صناديق الاقتراع،وهو ما يفرض القيام بادارة حملة الكترونية انتخابية ذكية وواعية تأخذ فى اعتبارها، أولا، استخدام الحملات الالكترونية فى الانتخابات لكافة المحفزات الوطنية والاستمالة العقلية والعاطفية لزيادة قدرتها على اقناع الناخبين.
ثانيا، عززت شبكات التواصل الاجتماعى من فرص الرقابة الشعبية والدولية على أداء المرشحين والعملية الانتخابية برمتها. ثالثا، يتوقف نجاح الحملة الالكترونية على المصداقية والتنظيم الجيد وتوزيع الادوار بما يجعل ردود الأفعال ذات طابع تنظيمى وليس عشوائيا. رابعا، أن مواجهة الحملات الالكترونية المسيئة أو المغرضة يجب ألا يتم التعامل معها امنيا فقط عبر حجب الروابط الالكترونية بل يجب إن يتم التركيز على الحل السياسى بمواجهة الأفكار بأفكار أخرى مضادة وتنوع الادوات الاعلامية. خامسا، اهمية تركيز الخطاب الانتخابى المستخدم فى الحملة على أولوية القضايا الوطنية والأكثر التصاقا بمعاناة المواطنين كالتعليم والصحة والبطالة وسيادة القانون ومكافحة الفساد. سادسا، تبنى نشر خطاب إعلامى يرتكز على عدم الإقصاء السياسى وأهمية التوافق الوطنى والمصالحة الوطنية وحيادية مؤسسات الدولة فى الانتخابات. سابعا، أهمية احترام حرية الرأى والتعبير على شبكات التواصل الاجتماعى وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى وهو ما يعمل على ترشيد استخدام تلك الادوات الجديدة.
ثامنا، ادراك عملية تحول الحملات الالكترونية إلى وسيلة ضغط ليس فقط من جانب القوى التقليدية بل من قبل قوى جديدة ونشطاء أكثر ذكاء ومراقبة لأداء المرشحين، ولديهم القدرة على النقد والتأثير والحشد والتعبئة.
تاسعا، يرتبط نجاح الحملة الالكترونية بمدى تعبيرها عن الواقع وعن أولويات الرأى العام وهو ما يمنع تعرضها إلى التلاشى وضعف الانتشار والتأثير أو بتحولها إلى ظاهرة إعلامية سرعان ما تنتهى.
عاشرا، ان عمليات الحشد الالكترونى وراء افكار او مرشحين لا تتم ترجمته بالضرورة الى قوة تصويتية ولكنها قد تشكل غطاء سياسيا يستخدم فى الدعاية ويمكن توظيفة فى مرحلة ما بعد الانتخابات.