ولسنا هنا فى مجال الدفاع عن إيران وسفيرها، أو دور الرجل نفسه فى واقعة الرهائن، علما بأنه كان مجرد مترجم فى مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، فهذا لا يعنينا، ولكن ما يهمنا الآن مدلول هذا التصرف الأمريكى الذى يعكس مدى احتقار الولايات المتحدة للمجتمع الدولى وللأمم المتحدة التى يوجد مقرها على الأراضى الأمريكية، بل وامتهانها لأى شيء له علاقة بالقانون.
فالولايات المتحدة، وبوصفها دولة مضيفة، ملزمة بإتاحة وصول الدبلوماسيين إلى مقر الأمم المتحدة، ولكن القانون الأمريكي، وهو فوق القانون الدولى بطبيعة الحال، يسمح لواشنطن برفض منح تأشيرات دخول لدبلوماسيين لأسباب تتعلق »بالأمن والإرهاب والسياسة الخارجية«، وهى بالطبع تفسيرات فضفاضة تستخدم على »الكيف« بين الحين والآخر.
ولكن أكثر ما يلفت النظر هو حالة الخرس التام التى أصابت بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة تجاه هذا التصرف الذى يرسخ فكرة أنه ليس سوى »موظف« يعمل على الأراضى الأمريكية، فى حين أن الرجل يبدى حماسة وهمة غير عاديين فى إصدار البيانات والتصريحات الفورية التى «تغم النفس» عند اعتقال «ناشط» عندنا فى مصر مثلا!
ويلفت النظر أيضا حالة «الاستعباط» التى انتهجتها جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة تجاه هذا الصلف الأمريكي، بما فى ذلك منظمة العفو الدولية، ومجلس حقوق «النشطاء» أو «السجناء» ـ الإنسان سابقا ـ والمنظمات الحقوقية «الملاكي» مثل «هيومن رايتس ووتش»، فكلهم ـ والحمد لله ـ منهمكون فى إعداد التقارير العدائية المطولة للدفاع عن الإرهابيين والبلطجية «المسالمين» لدينا وانتقاد أحكام القضاء بكل وقاحة، ولكننا لم ولن نسمع تصريحا ولا بيانا لشجب القرار الأمريكي، الذى يعد «صفعة» حقيقية على «قفا» كل هذه المنظمات، والأمم المتحدة بطبيعة الحال.
والأمر نفسه ينطبق على كتاب الصحف الأمريكية الذين يلقون علينا محاضرات يومية عن الديمقراطية والحريات بعد 30 يونيو، دون أن يجرؤ أى منهم على كتابة حرف عما فعلته بلادهم مع السفير الإيراني.
وصدق هتلر حين قال: «قد يجد الجبان ستة وثلاثين حلا لمشكلته ولكن لايعجبه سوى واحد منها.. وهو الفرار»!