.. فاختيار رئيس مصر المقبل ليس فعلا من اختصاص بوتين، ولكنه أيضا ليس من شأن أوباما ولا البيت الأبيض ولا الخارجية الأمريكية ولا الكونجرس، ولا أي دولة أو جهة أخرى!
فالانتخابات الرئاسية المقبلة شأن مصري خالص، والرئيس المنتظر سيكون صناعة مصرية، واختياره من شأننا نحن، ولا يحق لأي كائن الحديث من قريب أو من بعيد عمن نختاره، ومن نحبه ونكرهه، كما لا يحق لأحد الادعاء بأنه لن يعترف بشرعية الانتخابات أو بمن يأتي رئيسا، فعليه توفير نصائحه لنفسه، فهكذا تكون العلاقات بين الدول .. المحترمة!
إن ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أخيرا تعليقا على المحادثات المصرية الروسية التي جرت في قصر «نوفو أوجاريوفا» قرب موسكو يجب أن يكون أساسا للعلاقات بين القاهرة وواشنطن، ويعني أيضا أنه ليس من حق أمريكا التدخل في شئون مصر ولا سوريا ولا أوكرانيا، قولا أو فعلا، لا عن طريق السفارات ولا منظمات المجتمع المدني، وما قاله بوتين للسيسي من عبارات بروتوكولية أفضل في كل الأحوال من آخرين يتجاوزون كل البروتوكولات باسم «الدولة الأولى»، ويدسون أنوفهم ويتلصصون ويتآمرون ويدعمون ويمولون...
والجدير بالملاحظة هنا تركيز الأمريكيين على دعم بوتين لترشح السيسي، دون أدنى محاولة منهم لاستيعاب وتحليل جوانب أخرى أكثر أهمية في المحادثات المصرية الروسية، كالحديث عن التعاون العسكري والأمني والاقتصادي، والتنسيق في ملفات إقليمية ودولية مثل سد النهضة.
وهذا يعني أن صانعي السياسة الأمريكية «مشتتون» بل «تائهون»، وأن أسلوبهم المتعالي في وعظ شعوبنا بدأ يبعدهم عن المنطقة تدريجيا، وهو ابتعاد أقرب إلى الانسحاب، ولكنه انسحاب الفاشلين، وليس انسحابا تكتيكيا!