رئيس مجلس الادارة

عمـر سـامي

رئيس التحرير

عبد الناصر سلامة

رئيس التحرير

عبد الناصر سلامة

النعيمي وقطر وورقة التوت

فاجأتنا وربما لم تفاجيء الجميع أخبار وكالات الإعلام العالمية يوم الأربعاء الماضي‏,‏ عندما أصدرت السلطات الأمريكية ممثلة في دائرة الخزانة تقريرا مدهشا عن حقيقة نشاطات القطري عبدالرحمن عمير النعيمي‏,‏ صاحب مركز الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان كما يدعي وارتباطه بمجموعات إرهابية تمويلا ودعما‏.‏

وهو المركز الذي يدس أنفه في أمور تخص أمن واستقرار الدول الأخري ويشنع علي كل ما من شأنه أن يكون من القضايا السيادية الداخلية, لكنه لا يستطيع التحدث عن تجاوزات حقوق الإنسان في قطر, والتي وصلت لحد أن يتم سجن شاعر سجنا مؤبدا من أجل قصيدة امتدح فيها ثورة الياسمين بتونس, وربما لو نادي بثورة مشابهة في قطر لتم إعدام قبيلة الشاعر. والتقرير الصادم كان يشير إلي أن النعيمي, الذي تطوع للدفاع عن العديد من المتشددين والذين علي خلاف كبير مع دولهم وحكوماتهم يعتبر ممولا لحركة( القاعدة) وممثليها من الأحزاب الجهادية المتشددة في العراق والصومال وسوريا واليمن خلال الأعوام الماضية, بل ذهب التقرير بعيدا في الإدهاش عندما كشف أنه خلال هذا العام الجاري قام النعيمي بتحويل ما قرابته ستمائة ألف دولار للمتشددين بسوريا, وفقا لتقرير الخزانة الأمريكية. الأمر الذي دعاه في ردة فعل مرتبكة ومثيرة للريبة لتقديم استقالته من رئاسة مركز الكرامة اياه.
بالتأكيد النعيمي لا يعدو أن يكون بوقا للعائلة الحاكمة في قطر, والتي لا يبدو أنها تتعلم من دروس الأحداث أو ربما لا تريد أن تتعلم لسبب يعود للكبرياء والعنجهية الاستبدادية في تركيبتها لدوام الإحساس بالنقص تجاه الدول المحيطة بها, لذا لا تتورع العائلة, بغرابة وبحماس يحسدون عليه, لتعكير صفو الأجواء العربية في توافق مريب مع ما يحدث من استهداف البلدان العربية من القوي الكبري. ولمن ظن أن قدوم الشيخ تميم سيحدث تغيرا في توجهات السياسة الخارجية القطرية فإن وزير الخارجية القطري, بداية هذا الشهر صرح في لندن بأن الدوحة مازالت تحمل نفس السياسة الخارجية السابقة, لكن ما تغير هو الأساليب والمقاربات فقط. فالمؤكد إذن أن قطر لن تتوقف ولن تراجع نفسها فيما أخطأت به من حسابات وما أسهمت به من كوارث لإخوانهم العرب. فالقضية أصبحت كقطار دون فرامل, والمليارات التي أهدرت عبثا لن يسامحهم عليها الشعب القطري إن تكشف الأمر عن فشل كل السيناريو البائس الذي وضعته الحكومة القطرية, فالمكابرة ستبقي والدعم سيظل, لكن دون ضجيج إعلامي حتي لا يغضب الإخوة الكبار أكثر.
قد يكون صوت قطر خفت كثيرا لأنها بعد ضخ كل هذه المليارات ذ- لقلب أنظمة الحكم في العديد من الدول العربية, وجدت نفسها منبوذة من الجميع بما فيها الدول التي تورطت في اثارة القلاقل بها كما حصل في ليبيا ومصر, كما يحصل حاليا في سوريا بعد انكشاف حقيقة الحريات التي تتباكي عليها الحكومة القطرية والتي أفرزت واقعا مأساويا للشعب السوري ومقتل مئات الآلاف من الأبرياء ودمار شبه كامل للبنية التحيتية للعديد من المدن السورية, ووصل الدمار لعدد هائل من الآثار التاريخية التي شكل تدميرها صدمة مرعبة للعالم وراصدي الحضارات.
إن قطر تعيش أكذوبة كبري وآلتها الإعلامية تفعل الأفاعيل لتسويق الدجل وتصوير الأمور بغير صورتها الفعلية, فعندما علي مسار مواز- تطنطن بأنها أسرع اقتصاديات العالم نموا لست سنوات متواصلة ونري بعض الأفواه الفاغرة من أصحاب الجماجم الفالصو فما ذلك إلا لأن قطر تستنزف موارد الغاز الطبيعي بصورة مرعبة من أجل رفع أرقام الناتج القومي, بما يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الأجيال القطرية القادمة وثرواتها, رغم أن النمو الحقيقي ليس في رقم الناتج القومي الناشيء عن استنزاف مورد طبيعي ناضب وإنما بقدرات انتاجية للسلع والخدمات والمعرفة. الأمر الذي يبدو كبير حبتين علي نافوخس دون توجيهه للالتزامات والأولويات المهمة فإن جوزيف بلاتر سيري عام2022 أول كأس عالم يقام علي الكثبان الرملية وفي ضواحي الدوحة الفقيرة.
تغيرت الوجوه, لكن العقليات والمرتكزات التي ينطلقون منها مازالت نفسها, ومازالت تراهن علي انتهازيتها لبعض المواقف لتذر شيئا من الرماد في العيون كتلك المبادرة لتزويد الغاز لقطاع غزة للظهور بمظهر المناضل القومي, رغم أن الجميع يعلم بأن ما أوصل غزة لذلك الوضع المأساوي هي قطر وحليفتها حماس. وستبقي قطر تتحين الفرص لتلميع صورتها التي انكشفت لدي العالم أجمع, وأنه من المهم أن يتيقن العرب أن من غدر بحكوماتهم مرة سيغدر بحكوماتهم المقبلة مرات ومرات في المستقبل, فآخر ما تهتم به قطر قضية الديمقراطية والحريات والحقوق المدنية. فدولة تسحب جنسية5200 مواطن قطري بجرة قلم واحدة, لا يمكن بحال من الأحوال أن تتكلم عن حريات. فالعورة السياسية والخلقية أكبر من أن تغطيها ورقة توت والذي لا أظن ورقة التوت سترضي به أصلا.
وأخيرا, قد تستطيع بما تملك من إمكانيات مادية وتكنولوجية وإعلامية ــ قناة الجزيرة ــ أن تخدع الناس بعضا من الوقت ولكن المؤكد انك لن تقدر علي مواصلة خداعهم طوال الوقت.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: