الأحداث المتلاحقة التي تشهدها مصر الآن تفرض علينا قراءتها بشكل أكثر عمقا, فالإخوان تنظيم دولي يعشعش أفراده في كثير من بلدان العالم, يهدف إلي تكوين دولة إسلامية.
وبعد تولي الإخوان مقاليد الحكم في مصر تكاتف التنظيم الدولي لإنجاحهم, لذلك كانت الصدمة كبيرة عندما عزلهم الشعب المصري من الحكم.
خرجت تصريحات متناثرة أولها كانت من أرودغان رئيس وزراء تركيا تندد وتحفز العالم ليقف ضد إرادة المصريين علي أمل عودة الإخوان للحكم مرة أخري, بزعم انهم أصحاب الشرعية في حكم مصر, واستغل فض اعتصامي رابعة والنهضة, وشن هجوما ظالما علي الحكومة الحالية, متناسيا ما فعله هو وشرطته في فض اعتصام, تقسيم في موقف تعجب منه الكثير من المحللين, ليعقب ذلك تصريحات متسارعة من أوباما أدان فيها الوضع في مصر تحت دعوي استخدام العنف في مواجهة المتظاهرين السلميين, وكأن ما فعله الإخوان من قتل وحرق للكنائس ولمراكز الشرطة والمقارات الحكومية, بخلاف من سقط من شهداء الشرطة, هي السلمية من وجهة نظره, وتأتي تصريحات د. القرضاوي من قطر بأن جنود الجيش الإسرائيلي أرحم من الجنود المصريين, لتسيء اليه قبل أن تسيء لأي جهة أخري.فما الرابط بينهم؟
هذا الثلاثي رغم بعد المسافة بينهم واختلاف جنسياتهم إلا أن دعم الإخوان, وحده كان هدفهم, فالأول والثالث أردوغان والقرضاوي أعضاء في التنظيم الدولي للإخوان أما الثاني اوباما فكانت أموال التنظيم حاضرة في حملته الانتخابية الأخيرة بحكم المصالح المشتركة ـ والتي ظهرت في الاتفاق الذي جري بينه وبين إخوان مصر علي ضم جزء كبير من سيناء لقطاع غزة وترحيل عدد كبير من الفلسطينيين إليها برعاية حماس وإسرائيل, بدليل الهدوء الذي عاشته إسرائيل طيلة فترة حكم الإخوان!ثم يلي ذلك الضغط علي السلطة الفلسطينية لتتنازل عن القدس لتكون عاصمة لإسرائيل, وتعويضها بشكل مماثل لما كان سيحدث مع فلسطيني غزة في سيناء وهنا يمكن فهم دلالات عبارة الصديق العزيز التي زينت خطاب مرسي لبيريزمنذ عام تقريبا!
هنا تتغير خريطة الشرق الأوسط حسبما كان يخطط الإخوان وأوباما, فيتحقق سلام شرق أوسطي يختتم به أوباما فترته الثانية والأخيرة لينال جائزة نوبل في السلام ليمجد اسمه في التاريخ, فقد فعل ما عجز عن فعله أسلافه! لذلك يمكن تفسير حالة الارتباك التي يعاني منها أوباما و التي ظهرت من خلال تصريحاته التي غلفها التسرع وابتعدت عن الدبلوماسية والحكمة وقد فاته الرجوع الي مستشاريه المخلصين, حيث قطع اجازته من أجل اعلانه عن إلغاء مناورات عسكرية مشتركة بين مصر وامريكا ولوح بقطع المساعدات ثم خرج وزير الدفاع الأمريكي ليؤكد قوة العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية و التي لا يمكن أن تنقطع, إنه عبث سياسي نشاهده نتيجة ارتباك غير مسبوق في رؤية الرئيس الأمريكي! مما يجعلنا نميل إلي تصديق الشكوك الصحفية التي ذهبت إلي حد القول أن هناك أوراقا يملكها الإخوان ضد أوباما, الإعلان عنها ربما يهدد مستقبله السياسي.
وبعد أن بدأ يتلاشي الحلم الإخواني, وباتت قوة الإخوان علي المحك أصبح هدفهم الوحيد الصراع من أجل البقاء مهما كان الثمن, فقد بدأ المصريون في لفظهم بعد أن تكشفت لهم أساليبهم الإجرامية التي تهدد مصر في مقدراتها وممتلكاتها وأرواح أبنائها, كل هذا لا يهم, كما لايهمهم احتراق مصر لو احتاج الأمر, ولكن المهم بقاء التنظيم حتي لوسقط من أعضائه الكثيرون, وهم كانوا المستأمنين عليها منذ عدة أسابيع!
فالتنظيم خياره الوحيد الآن أن يثبت للعالم أن انهياره في مصر كان سببا في دمارها, و ليثبت أن الإخوان كانوا القوة الوحيدة القادرة علي حفظ النظام و دونها لا يوجد نظام استنادا علي شعبية يدعون امتلاكها عكس ما يقول الواقع علي الأرض, و سقوطه دون مقابل سيؤدي إلي سقوط التنظيم في بقية الدول واحدة تلو الأخري دون مقابل أيضا و لنا فيما يحدث في تونس الآن عبرة! وهو الأمر الذي يجعلهم يبذلون قصاري جهدهم دون حدوثه مهما تكلف الأمر من شهداء أو دمار, من خلال أعمال العنف والترويع غير الآدمي.
في مقابل حالة الاستعداء التي يشنها البعض علي مصر تحت مسميات واهية, يجيء الموقف السعودي معبرا بصدق عن حمايته للعروبة والإسلام, ويكفي النظر إلي زيارة وزير الخارجية القطري وزيارة سمو الأمير فيصل ال سعود وزير الخارجية السعودي لفرنسا, الأول حاول قدر جهده حث فرنسا للضغط علي الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات علي مصر والثاني قطع علي قطر حيلها ولعب دورا دبلوماسيا رائعا زحزح الموقف الفرنسي خطوات للوراء.
سيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي لقد عبرت مصر أزمات كثيرة, من خلال زعمائها, واليوم أنت تعبر بمصر إلي المستقبل, ويقف وراءك المصريون الذين خرجوا يوم26 يوليو الماضي يفوضونك بالقضاء علي الإرهاب, اليوم يتمنون عليك بالانتقال من مرحلة رد الفعل, إلي الفعل الاستباقي فللصبر حدود.
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: