وفقاً لما أذاعته قناة الجزيرة عبر شاشتها للملايين في مصر والخارج، أن الجيش ضرب المتظاهرين السلميين أمام دار الحرس الجمهوري وليس هذا فحسب، بل الفاجعة الكبرى أن الجيش ضربهم بالرصاص الحي وهم يصلون صلاة الفجر.. وأسقط 50 قتيلاً و400 مصاب.. ولم يكتف بهذا وإنما قتل أطفالاً أبرياء في عمر الزهور لا حول لهم ولا قوة..
أرجوك وقبل أن تبدي اندهاشك وتتهمني.. فإن هذه الكلمات السابقة ستجدها على لسان كل الإخوان، ومن على شاكلتهم، بل سوّلت لهم أنفسهم بأن يطلقوها بكل حماس في كل حديث يدور بين الأهل والأصدقاء، ولا يتورعون عن التطاول على الجيش المصري الذي انقلب على الشرعية، وعَزل الرئيس محمد مرسي، وانقلب على المشروع الإسلامي، ويضع مقاليد الدولة بين أيدي الكفار والعلمانيين! والحقيقة -التي يجهلونها- عكس ذلك تماماً؛ فالجيش المصري جزء لا يتجزأ من الشعب، انحاز لإرادته ومطالبه، وسيسجل التاريخ بأحرف من نور دوره في حماية هذا الوطن.. فلا تسمح عقيدة الجيش -بأي حال من الأحوال- بأن يقتل مصريين عُزّل.. فهل يقتل مصلين؟!!
إن الإخوان أمام حقيقة مجردة –من وجهة نظرهم- لا يحيدون عنها ولا يسمحون لأحد بتغييرها.. ويا ويلك لو فكرت في أن تقنع الإخواني أو حتى تتحاور معه وتبين له الحقائق! ستجده يفرض رأيه عليك.. ويصوّر لك أن من نزلوا في 30 يونيو هم من الفلول وأنصار النظام السابق!! وإذا أقنعته بأنه إذا اقتحم أحد بيتك لابد أن تهجم عليه ولا تقف مكتوف الأيدي.. يتهرب منك، خاصة كلما ذكّرته بأن الإخوان دافعوا عن مقرهم الرئيسي بالمقطم بإطلاق وابل من الرصاص الحي والخرطوش على المتظاهرين.. ولا سبيل غير هذا إلا بأن يأخذ الحديث مجرى آخر، ويتحول إلى حدة في النقاش بعصبية وبنبرة حادة؛ ليثبت لك صحة وجهة نظره في النهاية؛ بأن الجيش انقلب على الشرعية...
ترى ما هي الشرعية التي يتحدثون عنها.. الشرعية التي قسّمت أبناء الوطن الواحد إلى فئات.. بل وفرقت بين الإخوة بعضهم بعضاً داخل الأسرة الواحدة والتي بسببها حصل شقاق وخلاف.. الشرعية التي تسمح بأخونة الدولة والسيطرة على كل مفاصلها.. والاستيلاء على كل المناصب وتعيين أبناء الإخوانيين وأقاربهم ومعارفهم.. الشرعية التي لا تعرف كيفية التعامل مع الأزمات ولا تعرف حتى كيفية العمل على حلها.. الشرعية التي تهدد الأمن المصري الداخلى والخارجي، والسماح للأجانب والدخلاء والإرهابيين باحتلال الأراضي المصرية في سيناء.. الشرعية التي تفرط في مياه النيل بناء على اتفاق مسبق مع الصهاينة مقابل السلطة.. الشرعية التي تدمّر النشاط السياحي وانهيار الاقتصاد؟! ثم أي شرعية تلك وأنتم في خصومة مع القضاء والشرطة والجيش والإعلام والأزهر.. كيف سيستقيم الوطن وتقام دولة بالمعنى الحقيقي؟
إن كل ما يدور بخلد الإخوان هو السلطة بالقوة مهما كلفهم الأمر.. ومهما ضحوا بالشباب في سبيل نصرة الدين –كما يعتقدون- وتقويض الجيش، واستفزازه والاشتباكات معه، والهجوم على المنشآت العسكرية، وابتكار الحيل الشيطانية لتنفيذ المخطط القذر لتصوير أجزاء من الاشتباكات مع الجيش والهجوم عليه، والتي يضطر معه الجيش للضرب، وهنا تقوم القنوات التي تمارس الدعارة المهنية كالجزيرة- (والتي استقال منها عدد كبير من المراسلين والصحفيين الشرفاء لتضليلها الرأي العام وعدم حياديتها)- وشبكة رصد على مواقع التوصل الاجتماعي ببث الشائعات والأكاذيب بتصوير لقطات للجيش وهو يضرب بالرصاص والإيحاء للعالم كله بأنه الجاني القاتل، والافتراء عليه كذباً بأنه يغتال أطفالا؛ لتوصيل رسالة معينة للغرب بأننا أصبحنا كسوريا.. ومن ثم يلجأ التنظيم للاستقواء بأمريكا وأوباما للتدخل بمساعدة السفيرة العجوز "آن باترسون"، التي اجتمعت مع السلفيين في الآونة الاخيرة لعرقلة المرحلة الانتقالية والتهديد المستمر بالانسحاب.. ولم تنقطع اتصالاتها مع الإخوان وتحرضهم على الجيش، وليس غريباً أن تأتي تصريحات محمد البلتاجي القيادي بجزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لتؤكد هذا كله بإطلاق الدعوة للزحف الإخواني على الميادين وبداية موجة التصعيد ضد الجيش؛ للدفاع عن الشرعية ومطالبتهم بعودة الرئيس المعزول إلى منصبه، وأن الحسم سيكون بعد 18 يوماً!!
إن الجيش المصري العظيم انحاز لإرادة الشعب، ولو صح أنه يضرب المتظاهرين السلميين لقضى على متظاهري رابعة العدوية في دقائق، ولكن الجيش لا ينحاز إلى فصيل دون آخر ولكن يقف مع المصريين أجمعين، ويتعامل بكل حزم مع من يخرج عن السلمية ويتعامل بالعنف، بل إنه يتعامل بأقصى درجات ضبط النفس مع الذين يحاولون استفزازه.. وعلى الإخوان ألا يزجوا بالجيش المصري لأمور لا تحمد عقباها؛ لأن المخطط الأمريكي انكشف، ولن ينفعهم لا باترسون ولا أوباما نفسه الذي لن يستطيع الإفلات من مقصلة الكونجرس.
اللهم احفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء.
[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة رابط دائم: