ما بين مؤيد و معارض يزداد الشارع إنقساما بشكل يدعو للقلق والتوتر, فالمتابع لأحداث الأيام الماضية لابد من إصابته بالانزعاج الشديد, فثمة مشهد ينبئ بعواقب وخيمة, في ظل السيولة التي تعاني منها مصر.
فالاحتقان قد بلغ مداه بدرجة غير مسبوقة, وأصبحت التهديدات بالسحق وما شابه لغة واضحة, وأمسي القلق أمرا طبيعيا إضافة إلي أن احتمالات العنف المؤدي إلي القتل أصبح هو الآخر أمرا بات في الحسبان, وراح الحديث عنه شيئا معتادا.
وتأكيدا لحالة الإنقسام يري المؤيدون للنظام الحالي تصريحات الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع, أنها جاءت في وقتها لكي تؤكد للعامة وقوف الجيش خلف النظام لحمايته, بينما رآها المعارضون أنها إعلان صريح لانحياز الجيش للشعب والوقوف بجانبه مع محاولة الحفاظ علي أرواح أبنائه, وهي الفكرة الأصوب.
بين الفريقين يأتي النظام مكتفيا بالمشاهدة, دون محاولات ملموسة للخروج من هذه الأزمة التي تدخل منعطفا خطيرا لتضعنا أمام خيارين, الأول, أن تنتهي مظاهرات30 يونيو بسلام وهو أمر مشكوك فيه, أو يحدث ما لا يحمد عقباه وهو الأقرب إلي الواقع قياسا علي المقدمات التي تحدث الآن, والتي ستؤدي إلي نتائج قد تكون كارثية.
حاول البعض عرض حلول كثيرة للخروج من تلك الأزمة, كتشكيل حكومة إنقاذ وطني بكل الصلاحيات وأن تتحمل كامل المسئولية أمام الشعب, مع استمرار النظام الحالي, ولكن للأسف رأي النظام هذا الحل ليا للذراع, وتجاهله وراهن علي كثرة مؤيديه وارتكز علي الصندوق الانتخابي الذي اتي به بعدد يقارب13 مليون صوت انتخابي, وتجاهل غضب الكثير من المواطنين الذين زادت معاناتهم من خلال انفلات أمني واجتماعي غير مسبوق, مع ارتفاع كبير في الأسعار وتزايد الأزمات, مع قلة الموارد, مشكلات من شأنها أن تخنق المواطن وتشعل غضبه بدرجة تقترب من الانفجار.
وما يحدث الأن هو تكرار نفس أخطاء النظام السابق حرفيا, حينما تم تحذيره من غضب الناس وتجاهل كل التحذيرات, وحينما بدأ في تغيير الحكومة كان الوقت قد فات لشعور الناس بأن ما يحدث في إطار امتصاص الأزمة وليس في إطار مصلحة المواطن, التي تتطلب الحفاظ عليه بدلا من تعريضه لأتون أزمة, كلنا يعرف بدايتها ولا يوجد من لا يعرف منتهاها.
نعم هناك مؤيدون كما يوجد معارضون, ولا يمكن حصد أعدادهم بشكل دقيق, لذا فرهان النظام علي المؤيدين مهما زاد عددهم هو في كل الأحوال رهان خاسر لأنه سيكبدنا خسائر بشرية و مادية يمكن تجنبها, أما الحديث عن وجود مؤامرات اتفقت جميعها علي النزول الأحد لتخريب مصر والاستطراد في هذا الحديث يدخل في باب المزايدات السياسية, ورغم قبولها في بعض الأنظمة فإنها لا تتفق والديموقراطية منها, والتي ندعي هنا في مصر اننا بدأنا أولي خطواتها, ولكن الواقع لا يقر بذلك.
وبوضوح تام أقول أن هناك من يحارب الإخوان المسلمين ويضع العراقيل في طرقاتهم ولكن وبمنتهي الأمانة أري أنهم لم يحركوا ساكنا بل استمروا في نهجهم وعنادهم, مرتبكين أحيانا, ومترددين أحايين أخري, سمعنا منهم عبارات رنانة دغدغت مشاعرنا حتي بات الجوعان يحلم بسوق العيش وانتهي الحلم وازداد الجوعي, صنعوا للناس احلاما, في النهاية وجدوها سرابا تدثروا بالاسلام شكلا دونما مضمون, حملوا شعاره من أجل جذب البسطاء.
لقد ادعي بعض المتشددين الإيمان بالله وبسنة رسوله التي تحرم قتل المسلم وقتلوا أربعة من المسلمين الشيعة متجاهلين عمدا قول المصطفي( ص) أن حرمة دم المسلم أكبر عند الله من حرمة الكعبة, وأن دم المسلم علي المسلم حرام, إنهم يأخذون من سنة النبي سيد الخلق- ما يتناسب معهم و يتركون ما لا يستهويهم.
فمقتل الشيعة الأربعة, حادث مأساوي, يمكن النظر إليه من إحدي زاويتين, الأولي أنه في إطار مذهبي تصاعد حتي وصل إلي تلك النهاية, وهي زاوية حالمة غير واقعية, أما الأخري تلخص المأساة في جملة صغيرة تحذير شديد اللهجة, بمعني أنه إنذار لما يمكن أن يحدث يوم الأحد المقبل.
واخيرا: إن الطريق إلي جهنم مفروش بالنيات الحسنة, فكل الأطراف تعلن حسن نيتها ولكننا علي شفا الدخول إلي نفق أسود, فنداء لكل أعضاء النظام الحاكم, مصرنا في أيديكم, أنتم المسئولون عنها فماذا أنتم فاعلون؟!
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: