بعد أحداث العنف التي حدثت أمام مكتب الإرشاد في المقطم من عنف وسحل وضرب بين شباب المعارضة والإخوان، التي أساءت لنا كشعب ووطن، ومن قبلها أحداث الاتحادية..
أخذ البعض يكيل الاتهامات للآخر... الإخوان من جانبهم يبينون أنهم المعتدى عليهم، وأقاموا مؤتمراً صحفياً ليعرضوا فيه فيديوهات تبين انتهاكات شباب المعارضة وأحداث العنف الدامية التي ألقت بظلالها على المشهد، وعلى الجانب الآخر عرضت جبهة الإنقاذ انتهاكات الإخوان... كل طرف يحاول أن يبين أنه المظلوم والمعتدى عليه... والحقيقة أن كلا الجانبين مخطئ، وتناسى هؤلاء أن الدعوة للعنف والقتل والتعذيب حرام، وأن حرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة.. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا".. فقد فكر كل طرف بعقلية شريعة الغاب، وفي كيفية الانتقام من الآخر والتنكيل به ودحضه..
والسؤال: إلى متى سيتوقف نزيف الدم بين المواطنين؟ ومتى سينتهي الانقسام الدائر بين الإخوان والسلفيين والليبراليين؟ وهل من الصعوبة بمكان أن يجتمع شمل المصريين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم؟
ثمة خاسر وحيد من جراء تلك الأحداث؛ وهو المواطن البسيط الذي ليس له أي ذنب من تلك الصراعات، فهو يسعى لتوفير لقمة العيش وأن يأمن على نفسه وأولاده، وكأن الثورة قامت للصراع على الكراسي والسلطة فقط، وليست من أجل إرساء قواعد عادلة له وللوطن.
إن العناد والانجرار في أحداث العنف لن يجني سوى المزيد من الخراب، وسينعكس على أوضاع الوطن الاقتصادية. ولعل الدعوات التي تنادي بالاستثمار من جانب الرئيس أظنها جيدة ولا غبار عليها، ولكنها على أرض الواقع أحس بأنها لن تلقى نجاحا؛ لأنه ينبغي عليه -أي الرئيس- في الأساس أن يُصلح الشأن الداخلي واستقرار الأوضاع واستعادة منظومة الأمن؛ حتى تكون مصر بيئة جاذبة للاستثمار الخارجي، وعودة السياحة مرة أخرى لسابق عهدها.
كما أن الشائعات التي التي لاحت في الأفق مؤخراً كالدعوة للنفير العام أو ما شابهها من جانب الإخوان للدفاع عنهم ومقراتهم والقبض على يقف ضدهم من شأنها أن تحدث البلبلة والفوضى العارمة، والتي نخشى معها من ظهور جماعات سرية مسلحة من الجانب المضاد، وعاقبة ذلك ستكون وخيمة على الجميع، وتهدد بنشوب حرب أهلية -لا قدّر الله- وانهيار الوطن.
لن أقول إن الحل في الحوار الوطني الشامل لأن تلك الفكرة تلاقي قبولاً ورفضاً بين أوساط المجتمع، فالبعض يرى أنه آن الأوان ليكون الحوار حقيقياً وممثلا لكافة القوى الثورية مع حضور لجنة من الحكماء، أما البعض الآخر فيرى أن الدعوة للحوار فكرة غير مجدية ومجرد دعوة شكلية ليس بها أي ضمانات للمعارضة.
الحل في أن يستشعر الجميع قيمة المسئولية الوطنية النابعة من عمق الضمير، وأننا على ظهر سفينة واحدة فإذا أصابها العطب فوالله إننا جميعا لذاهبون إلى سوء ما قمنا به.. لتنتهِ لعبة القط والفأر بين المعارضة والإخوان، فالعناد من الجانبين ليس في مصلحتنا.. في وقت نحن أحوج فيه لكل دقيقة لا لنكيل الاتهامات لبعضنا ونخوّن الطرف الآخر، بل لتضافر الجهود من أجل الخروج من الاحتقانات وبناء مصر.
وخير ما أختم به قول الحق تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة رابط دائم: