رئيس مجلس الادارة

ممدوح الولي

رئيس التحرير

عبد الناصر سلامة

رئيس التحرير

عبد الناصر سلامة

أمن دليفري

حالة من الارتباك والفوضى تسيطر على المشهد في ظل حالة الفراغ الأمني التي طالت مصر.. بعد إضراب بعض ضباط الشرطة عن العمل وإغلاق أقسام الشرطة؛

 اعتراضاً على إقحامهم في المشهد السياسي ومواجهة الشعب.. والتي نتجت عنها زيادة معدلات الجريمة؛ سرقة، قتل، نهب، فوضى عارمة، بلطجة في الشوارع، قطع الطرق والقطارات، ومشاجرات في محطات الوقود بين المواطنين... ولم يكتف الضباط بذلك، بل هددوا بأنهم لن يعودوا مرة أخرى إلى عملهم إلا بعد أن يتم تحقيق مطالبهم، وأولها إقالة وزير الداخلية الحالي..

بعدها نسمع عن البيان الأرعن  «غير المدروس» الصادر عن مكتب النائب العام بمنح الضبطية القضائية للمواطنين، والذي طالب فيه بتفعيل نص المادة «37» من قانون الإجراءات الجنائية الذي يعطي المواطنين الحق في الإمساك بكل من يرتكب جريمة يكون عقابها الحبس الاحتياطي، «جنحة» كانت أو «جناية»، وتسليمه للسلطات العامة.

وقد استغل بعض تيارات الإسلام السياسي ذلك، وقرروا إعادة الأمن المفقود عن طريق«شرطة شعبية» تزاحم جهاز الشرطة بل وتسيطر عليه، والاقتراح «الجهنمي اللوذعي» التي تعده وزارة العدل بإقامة شركات أمن خاصة «دليفري»، التي تشبه في مضمونها نموذج «الحرس الثوري الإيراني».. ناهيك عن التصريحات الاستفزازية من بعض قيادات الأحزاب الإسلامية بأنه من يعترض من الضباط سيتم فصله، والبيانات التي تصدر بين الحين والآخر في «الفيس بوك» عن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السويس.. الأمر الذي ينذر بتبعات سريعة غاية في الخطورة تتمثل في تدمير لركائز دولة القانون وإطلاق العنان للميليشيات المسلحة، ومن ثم تتصعد الأمور وتجر البلاد جراً إلى جحيم الحرب الأهلية.

وعلى الرغم مما أن نفي النائب العام ذلك بعدها؛ من أن البيان لم يتضمن ما يشير إلى منح الضبطية القضائية للمواطنين لأن ذلك ليس من اختصاص النيابة العامة، إلا أن «القنبلة» التي دوت في الأفق أنه اليوم التالي جرى القبض بواسطة عناصر من الجماعة على الناشطة «منىعبد الكريم» أثناء سيرها؛ بهدف تصفية الحسابات معها، كما جرى القبض عبر عناصر الجماعة على عدد من المتظاهرين أمام المقر الرئيسي بالمقطم، فضلاً عن تجمع عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية في أحد ميادين أسيوط، ولكن سرعان ما انصرفوا، بعد نزول الشرطة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى ستصدر تلك البيانات غير المدروسة والتصريحات التي تنم عن عدم نضج سياسي وقلة خبرة يوماً بعد يوم، والأخطر لماذا يسكت الرئيس عن كل هذا بصفته المسؤول الأول عما يحدث؟ ولماذا لا يتحاور ويستجيب لمطالب الضباط بإقالة وزير الداخلية الذي تورط في أحداث عنف في بعض المحافظات.. إن أقصى أحلام المواطن البسيط هو أن يحس بالأمن والأمان وسط أبنائه عبر الآليات القانونية المشروعة، وليس بالأمن الدليفري عبر أشخاص غير مؤهلين يفتقدون الخبرة في التعامل مع الأمور.. فالشعب ليس حقل تجارب.. وإذا لم يستشعر القائمون على مقاليد الأمور بحجم المسئولية فالاستقالة من المناصب أولى.. ليتولي غيرهم من يعرفون ويقدرون قيمة الوطن والمواطن.

من غير المنطقي أن نهدم مؤسسات بأكملها ثم بعد ذلك نسأل عن كيان الدولة.. أقصد أنه إذا أردنا مفهوماً للدولة بالمعنى الحقيقي فلا يجب أن نهدم أساسها وأركانها ومفاصلها لنبني دولة جديدة، وإلا ستُهدد بالانهيار على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية..

ليس من مصلحتنا تدمير واستنزاف وزارة الداخلية، وإذا ارتضى الشعب بذلك فستسقط مصر وتصبح «صومال جديدة»، وحينها سيدفع وحده الثمن غالياً.. اللهم احفظ مصر آمنة مطمئنة.

[email protected]


لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة

رابط دائم: