د. محمد فايز فرحات
ماجد منير
رسائل ودلالات النجم الساطع 2025
1 سبتمبر 2025
د. أحمد سيد أحمد


تسعى مصر لامتلاك كل مقومات القوة الشاملة التى تتناسب مع إمكاناتها ومكانتها الإقليمية والدولية فى إطار ترسيخ الجمهورية الجديدة وبناء مصر الحديثة, فإلى جانب امتلاك القوة الاقتصادية من خلال النهضة التنموية الشاملة التى تشهدها البلاد منذ ثورة 30 يونيو 2013, وإلى جانب القوة السياسية ودور مصر الإقليمى فى تعزيز الاستقرار، ودعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية, سعت مصر لامتلاك القوة العسكرية للدفاع عن سيادتها وحدودها ضد التهديدات المتزايدة وحماية مقدرات التنمية.



وقد ارتكزت القوة العسكرية المصرية على تعزيز قدرات الجيش المصرى، وامتلاك أحدث أنواع الأسلحة, البرية والبحرية والجوية, وتنويع مصادر التسلح, إضافة إلى التدريبات العسكرية المستمرة والمناورات المشتركة مع العديد من دول العالم المختلفة لاكتساب الخبرات ورفع كفاءة وجاهزية المقاتل المصرى. وفى هذا الإطار تكتسب مناورات النجم الساطع التى تجرى فى الفترة ما بين 28 أغسطس و10 سبتمبر وبمشاركة 43 دولة, منها 14 دولة بصفة مشارك و29 دولة بصفة مراقب, ويشارك فيها ما يقارب 8آلاف مقاتل و250 مركبة وآلية عسكرية و13 سفينة حربية, و161 طائرة حربية, أهمية كبيرة من حيث التوقيت والدلالات والرسائل:



أولا: أنها تأتى فى توقيت مهم تشهد فيه المنطقة توترات جيوسياسية متزايدة على خلفية استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ عامين, وما ترتب عليها من ارتفاع منسوب التصعيد الإقليمى وتزايد مصادر التهديد الأمنى خاصة مع تهديد الملاحة والتجارة فى البحر الأحمر, وتزايد مخاطر الإرهاب والتنظيمات المسلحة، وهو ما يتطلب الجاهزية العالية من الجيش المصرى لمواجهة تلك التحديات والتهديدات, خاصة مع تنوع مصادر التهديد وتصاعد مخاطر الميليشياوية والتنظيمات المسلحة والإرهابية والهجمات السيبرانية وغيرها.



ثانيا: تمثل مناورة النجم الساطع أهمية كبيرة, حيث تعد من أكبر المناورات العسكرية على مستوى العالم ويشارك فيها دول عديدة, تمثل مدارس وعقائد عسكرية مختلفة ويشارك فيها أحدث أنواع الأسلحة, وهو ما يعكس حرص القوات المسلحة المصرية على الارتقاء بمستوى كفاءة ومهارات وجاهزية المقاتل المصرى والانفتاح على المدارس العسكرية المختلفة لتبادل الخبرات والاستفادة من مزايا الجيوش الأخرى, والتدريب على استخدام أحدث الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، خاصة فى مجال الذكاء الاصطناعى والطائرات المسيرة, والتى تعكس حرص القوات المسلحة على مواكبة ومتابعة كل جديد فى مجال الأسلحة والتدريب.



ثالثا: إن إجراء هذه المناورة على أرض مصر وبمشاركة هذا العدد الكبير من الدول, خاصة من الدول العربية ودول حلف الناتو ودول آسيوية مثل الهند, يعكس الثقة والتقدير الكبير للقوات المسلحة المصرية والسمعة الكبيرة التى تتمتع بها عالميا, من حيث الانضباط والجاهزية وبسالة الجندى المصرى ومهاراته المرتفعة, وحرص هذه الدول أيضا على تبادل الخبرة مع الجيش المصرى والاستفادة من المزايا النسبية التى يتمتع بها, خاصة التدريب على الحرب والقتال فى الأراضى الصحراوية, والتدريب على مواجهة التهديدات المختلفة، خاصة التنظيمات الإرهابية. كما أن إجراء التدريبات فى قاعدة محمد نجيب العسكرية يحمل دلالة مهمة فى إظهار القدرات العسكرية المصرية المختلفة وإنشاء العديد من القواعد العسكرية البرية والبحرية للدفاع عن مصر ضد أى تهديد.



رابعا: مناورات النجم الساطع تعكس قوة ومتانة العلاقات المصرية الأمريكية, التى تتسم بالشراكة الإستراتيجية على جميع الأبعاد السياسية والاقتصادية والعلمية والأمنية والعسكرية, وتعكس حرص البلدين على إجراء هذه المناورات بشكل منتظم كل عامين منذ بدئها فى عام 1980 بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، حيث لم تتوقف إلا أربع مرات فى ظروف استثنائية, كما أنها تعكس الأهمية الإستراتيجية الكبيرة لمصر فى الرؤية الأمريكية, حيث تمثل مصر ركيزة الأمن والاستقرار فى المنطقة, وتعكس حرص البلدين على التشاور والتنسيق المستمر بينهما لمواجهة التحديات المتزايدة, فمصر تمثل قوة إقليمية كبيرة وأمريكا قوة عالمية تقف على رأس النظام الدولى، ومن شأن التعاون بينها أن يسهم فى تعزيز الأمن الإقليمى.



خامسا: إن مناورات النجم الساطع, هى جزء من المناورات العديدة التى تجريها القوات المسلحة بشكل مستمر مع الكثير من دول العالم المختلفة، خاصة القوى الكبرى والإقليمية, مثل المناورات بين مصر وبعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات العربية, والمناورات المصرية الروسية، والمناورات المصرية الصينية وغيرها من التدريبات العسكرية المشتركة, تعكس انفتاح القوات المسلحة على إجراء المناورات مع كل الدول لتعزيز جاهزية المقاتل المصرى, كما أنها تمثل رسالة ردع لمن تسول له نفسه تهديد مصر وأمنها القومى, فالعقيدة العسكرية المصرية ترتكز على مفهوم الردع والدفاع عن مصر ضد أى تهديدات, ومصر وجيشها لم تكن يوما معتدية على أحد، أو تتدخل فى شئون الدول الأخرى، أو تنخرط فى صراعات وحروب, فمصر تمثل تيار الاستقرار والاعتدال والحكمة فى العلاقات الدولية القائمة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها، ومنع استخدام القوة فى العلاقات الدولية, وحل النزاعات والصراعات بشكل سلمى, وفى ذات الوقت لديها القدرة العسكرية والإمكانات التى تمكنها من التصدى لأى تهديد, وهذا ما جعل مصر تحظى بالمصداقية والتقدير الدولى. وبالتالى فإن رسالة مناورة النجم الساطع 2025 هى رسالة سلام وردع، وتعكس المكانة الكبيرة التى يتمتع بها الجيش المصرى الذى يعد من أكبر وأقوى الجيوش عالميا, والإمكانات الكبيرة للقوات المسلحة المصرية, سواء من حيث امتلاك أحدث أنواع الأسلحة, أو من حيث التدريب والجاهزية العالية, وهى أيضا رسالة طمأنة للداخل المصرى بأن لمصر جيشا قويا ودرعا يحميانها ضد أى تهديدات ويحافظان على مقدرات التنمية والنهضة الشاملة.