هذه ليست المرة الأولى التى يصنع بها السياسى الأمريكى المخضرم، والرئيس الحالى، بايدن، مفاجآته المتوقعة، بل هى جزء من سياساته، ومساره، بإعلان انسحابه، وعدم ترشحه فى انتخابات 2024، بل فعلها مرتين قبل ذلك.
لقد كانت المرة الأولى عندما قبل بايدن الترشح على تذكرة الرئيس الأسبق أوباما «مرشح الأقليات» الذى استطاع أن يكون أول رئيس أسود للولايات المتحدة، ولم يكن أوباما يستطيع أن يحصد موقع الرئيس وليس معه، وعلى تذكرته، بايدن بكل تاريخه، وتطلعاته، وسجله، ولونه الأبيض «الأغلبية الأمريكية الواضحة»، ولذلك كان قرارا صعبا عليه أن يكون نائبا لأوباما، ولكن قبله لمصلحة الحزب الديمقراطى، والحياة السياسية فى أمريكا، ولطبيعة السياسة ومتغيراتها، كان بايدن المعادل الموضوعى للمرشح الملون، ولابد أن نضع هذه المقارنة فى أذهاننا مع معايير اختيار بايدن بعد ذلك لنائبته كاميلا هاريس، فمن يقرأ الصورة يعرف كيف يكملها، أما المرة الثانية فكانت عندما ترك بايدن الانتخابات لهيلارى كلينتون لتختبر نفسها أمام شارع سياسى به من كل ألوان الطيف، ويفوز الجمهورى ترامب عليها، حيث مازالت أمريكا غير متقبلة داخليا «عكس ما تظهر» أن يكون رئيس الولايات المتحدة امرأة، أو ملونا، رغم أن أوباما حققها بتوارنات، وذكاء بارع، وكان ترامب اختيار الجمهوريين ليرد على الديمقراطيين بترشيحهم أوباما، ثم هيلارى كلينتون «الأول ملون والثانى امرأة»، حيث صعوبة الاختيار فى المجتمع الأمريكى المعقد، والمركب، وسط الحزبين الكبيرين اللذين يتبادلان المواقع والأدوار.لقد كان بايدن سياسيا واعدا داخل الحزب الديمقراطى، لدرجة أنهم كانوا يطلقون عليه «كيندى المستقبل الجديد» الذى يفهم، ويتفهم كل شىء، ويصيغ سياساته بهدوء، ويصنع ما تستطيع أن نسميه «المتوسط الحسابى الجامع» بدقة بالغة، لكنه لم يستطع أن يتحمل، وبحسابات دقيقة، أن يخسر حزبه الكونجرس بشقيه «الشيوخ والبرلمان» لوجوده مرشحا للرئاسة، ولم يكن ممكنا، تجاوز كامالا هاريس، نائبة الرئيس، فى أن تأخذ فرصتها للترشح، وأمامها الجماهير، والولايات، وتحركها فى الشارع الانتخابى هو الفيصل، ووجدت دعما سريعا من أقطاب حزبها، وانظروا ماذا فعل كلينتون وزوجته، فقد أيدا كامالا هاريس، وماذا فعل أوباما؟.. تريث وقال «الحزب قادر على إقرار مرشح، وهو يعرف كيف تدار اللعبة داخل المجمع الانتخابي».