د. محمد فايز فرحات
ماجد منير
الثانوية والكليات الجديدة
19 يوليو 2024
عــــلاء ثــابت


الفترة من انتهاء امتحانات الثانوية العامة وحتى إعلان النتائج ينبغى للطلاب وأولياء أمورهم استغلالها فى التعرف على الكليات والمعاهد المناسبة لكل طالب دون ربط الاختيار بمجموع الدرجات التى حصل عليها. ينبغى أن يكون المعيار الأساسى هو اختيار الطالب للمجال الذى يود العمل فيه، وأن يكون ممتلكًا للمهارات التى يتطلبها نوع التعليم الذى يختاره، لأن النجاح فى السنوات الجامعية ومن بعدها العمل يتوقف على توافق ميول الطالب مع نوع الدراسة والعمل، وليس معدل الدرجات التى حصل عليها. 



يجب أن يتحرر الطالب وأسرته من فكرة الالتحاق بكليات القمة التى شهدت تدفقًا كبيرًا من جانب الطلاب على حساب ميولهم الدراسية ونوع العمل الذى يناسب تلك الميول. وجدنا فائضًا كبيرًا فى بعض الكليات من الخريجين، وكانت النتيجة ازدحام سوق العمل بخريجين لا يحتاجهم سوق العمل، بينما قطاعات أخرى من سوق العمل لا تجد الخريجين المؤهلين للعمل فيها. هذه الثغرة الخطيرة تؤثر على مستقبل الخريجين من ناحية، وحاجات سوق العمل من ناحية أخرى، مما يترك آثارًا على الاقتصاد المصرى وإنتاجيته.



علينا أن نعيد التفكير من أجل مستقبل الطلاب واحتياجات اقتصادنا، وأن نحافظ أيضًا على وجود دوافع لدى الطلاب للتفوق فى المجالات المناسبة لميولهم، وأن نحترم ونقدر تلك الميول، لأنها الدافع الرئيسى للتطور والإبداع الفردي. 



أعرف طالبًا حصل على مركز متقدم فى أوائل الجمهورية فى الثانوية العامة، ورفض التقدم إلى كليات القمة للقسم الأدبى الذى كان يدرس فيه، وصمم على الالتحاق بكلية الحقوق التى كانت تقبل الطلاب الحاصلين على درجات أقل بكثير. قال لأسرته إنه يحب دراسة القانون، ولن يتقدم إلى كليات مثل الاقتصاد والعلوم السياسية أو الإعلام وغيرها، وفضل كلية الحقوق. بالفعل، حقق تفوقًا كبيرًا وأصبح أستاذ القانون الدولى وأحد أنجح وأشهر الأساتذة فى هذا التخصص. هذا النموذج يؤكد لنا أن الأهم هو أن يختار الطالب الكلية التى تناسب ميوله ويحب مواد دراستها.



هناك أمثلة معاكسة لطلاب حققوا معدلات كبيرة فى الثانوية العامة، ودخلوا كليات قمة حسب المعتاد والمرحب به من جانب الأسرة، لكنهم تعثروا فى الدراسة لأنها لم تكن تتناسب مع ميولهم. وعندما انتقلوا لدراسة ما يريدونه، حققوا نجاحًا كبيرًا. 



كما أن هناك متغيرًا مهمًا فى التعليم الجامعى بافتتاح كليات جديدة فى مجالات لم تكن مطروقة، ويتطلبها التطور التقنى والعلمى الكبير خلال العقود والسنوات الأخيرة، مثل دراسة الذكاء الاصطناعى ودخوله فى مجالات متعددة، وكذلك التطور فى علوم الاتصالات والبرمجيات وغيرها من العلوم التى كانت وراء نهضة كبيرة فى الكثير من البلدان الناشئة، وحققت بها معدلات تنمية عالية. 



علينا إطلاع أبنائنا على تلك الكليات وطبيعة الدراسة فيها، وفرص العمل التى ستوفرها، وتشجيعهم على الالتحاق بتلك الكليات والمعاهد التى سيكون لخريجيها فرص كبيرة فى العمل والحصول على عوائد عالية منه، بما يضمن لهم مستقبلًا أفضل. لا ينبغى لهم الركون إلى الاختيارات التقليدية، بل النظر نحو المستقبل.