فتحت إدانة الرئيس الأمريكى السابق والمرشح الحالى دونالد ترامب فى قضيةٍ تعود وقائعُها إلى سبع سنواتٍ مضت الباب أمام سيناريوهاتٍ خطيرة. هذه أول إدانة جنائية لرئيسٍ سابق فى تاريخ الولايات المتحدة. وربما تكون آثارها غير مسبوقة أيضًا فى ظل تحول التنافس الانتخابى إلى صراع مرتفع الحدة يُنذر بصدامٍ يصعب توقع مداه.
مؤيدو ترامب، وهم نحو نصف الناخبين، غاضبون بدرجاتٍ مختلفة. بينهم من وصل به الغضب إلى حد التحريض على أعمال عنف. ودعا بعضهم إلى إعدام القاضى خوان ميرشان. ولأنه لا يُحاكَم فى أى قضية، فالدعوة إلى إعدامه تعنى الاغتيال، وهذا ما دُعى إليه فعلاً إذ كتب أحدهم (شخص ما فى نيويورك ليس لديه ما يخسره لابد أن يتولى أمر ميرشان). وبلغت حدة الغضب مستوى أعلى لدى بعض آخر فهدَّدوا بتمرد مسلح، ودعوا الميليشيات اليمينية إلى الاستعداد، وتحدث عددُ منهم عن حربٍ أهلية.
هل هذا كله كلامُ يُقال فى لحظة غضب؟ الإجابة الراجحة ليست بالإيجاب. ليس كل ما يعبرُ عن الغضب مجرد كلام. بعضه يُنتجُ أفعالاً خطيرة. والحال أن الولايات المتحدة دخلت أخطر مرحلةٍ فى تاريخها. وقد يكون 5 نوفمبر المقبل الاقتراع الرئاسى هو الأخطر. لن يقبل هؤلاء الغاضبون وغيرُهم خسارة ترامب مرةً ثانية إن خسر. وقد يرفض بعض أنصار بايدن النتيجة أيضًا إذا كان هو الخاسر. وعندئذ قد يتحول ما يُطلق عليه عُرس انتخابى إلى مأتم.
وإذا أخذنا فى الاعتبار حجم الأزمة الناتجة عن تعمق الانقسام ربما لا يكون المأتم المُحتمل لأفرادٍ يُقتلون فى أعمال عنف. ربما يكون هذا العنف المتوقع خطوةً أخرى باتجاه إقامة مأتمٍ لكيانٍ تربع على عرش الكوكب وعاث معظم حكامه فسادًا وإرهابًا فى العالم.
الكيانات الكبرى فى عصرنا تنهار من الداخل بالأساس. وغالبًا ما يقترن الانهيار بالتفكك فى حالة الكيانات الفيدرالية أو التى تبلغ اللامركزية فيها أعلى مستوى. هذا هو ما حدث للاتحاد السوفيتى والاتحاد اليوغوسلافى. فهل يتفكك الاتحاد الأمريكى أيضًا؟ سؤالُ ينطوى على أحد السيناريوهات المحتملة التى تتراوحُ كلها بين السيئ والأسوأ.