د. محمد فايز فرحات
ماجد منير
التعاون الرقمى بين مصر وأوروبا
27 أبريل 2024
د. عادل عبد الصادق


عقدت فى 17 مارس الماضى القمة المصرية الأوروبية والتى خرجت بالإعلان عن حزمة من القروض والمساعدات والاستثمارات بقيمة 8 مليارات دولار، وهى خطوة تفتح آفاقا جديدة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية على كل الأصعدة، ويأتى ذلك فى ظل بيئة إقليمية ودولية مضطربة، تدفع لأهمية البحث عن سبل لتوفير المرونة والصمود سواء عبر بناء القدرات الوطنية أو بالتعاون الإقليمى والدولي.



ومن ثم أصبحت الشراكة مصلحة إستراتيجية لكلا الطرفين واللذين يدركان حقيقة التحديات الجيوإستراتيجية الجديدة بعد حربى أوكرانيا وغزة، ودور الاقتصاد الرقمى فى تقديم حلول مبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة. وفى ظل التقدم الذى أحرزته الدولة المصرية فى التحول الرقمى، تأتى فرص تعزيز التعاون فى التنمية الرقمية بين مصر وأوروبا خاصة فى تأمين سلاسل الإمداد العالمى والبنية التحتية والتشريعات والتدريب وتنمية المهارات الرقمية، والفجوة الرقمية وتعزيز الأمن السيبرانى، وهو الامر الذى يعكس تبنى الاتحاد الاوروبى دبلوماسية رقمية نشطة تجاه المنطقة عامة ومصر خاصة عبر العديد من برامج التعاون التى تهدف الى التقارب لتعزيز المنفعة والمصالح المتبادلة. وتحتل مصر مركزا متميزا للتعاون لثقلها السكانى والتاريخى وموقعها الاستراتيجى خاصة فى عملية نقل البيانات والكابلات البحرية، حيث ان 90% منها يتم عبر مصر، وتم تدشين تعاون فى فبراير الماضى لمد اول كابل بحرى يربط مصر بألبانيا ومنها إلى منطقة البلقان وشرق ووسط أوروبا، ويسهم البنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية فى برنامج الدعم الفنى والتحول الرقمى للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. ومن اهم منصات التعاون مشروع البوابة العالمية الأوروبى والذى تم اطلاقه فى 2021، بهدف لزيادة الاستثمارات فى البنية التحتية العالمية، وتعزيز القيم الديمقراطية والحوكمة والشفافية والتحول الأخضر والطاقة النظيفة وذلك من خلال التعاون الدولي. وتتميز اوروبا بتقدم المنظومة التشريعية الرقمية بما يتواكب مع طبيعة التحديات والفرص التى يتيحها المجال الرقمى، بما يوفر فرصا للتعاون مع مصر خاصة مع التوافق على الأهداف الأوروبية وذلك مثل الحوكمة الرقمية للتقنيات الصاعدة مثل الذكاء الاصطناعى، والسعى لإصلاح الاسواق الرقمية والخدمات الرقمية وتوفير بيئة مواتية لتشجيع نمو الشركات. ومواجهة احتكار الشركات التقنية الكبرى العابرة للحدود خاصة مع افتقاد أوروبا لامتلاك منصات رقمية او شبكات اجتماعية والتى رأت فى ذلك مدخلا لتهديد الثروة والسيادة ومن ثم فرضت عليها التزامات عبر تشريعات منظمة بما يمثل مدخلا معتدلا مقارنة بالموقف الصينى المرتكز على تدخل الدولة او الامريكى الذى يركز على الالتزام الذاتى فقط للشركات. وتمثل الجهود الأوروبية فى توظيف البيانات الضخمة فى مجال التنمية ملامح تجربة مهمة لمصر الى جانب السعى المصرى لتبنى الجنيه الرقمى بما يتواكب مع مبادرة اليورو الرقمى لمواجهة مخاطر الاعتماد على تطبيقات دفع أجنبية.



وتمثل تنمية المهارات الرقمية لدى الشباب فرصة لدعم الاقتصاد الوطنى من جهة والتعاون مع اوروبا من جهة اخرى، وأهمية تنفيذ مشروعات تنموية مشتركة لتوطين الصناعات التقنية على مستوى البرمجيات او الاجهزة فى مصر والاستفادة من انخفاض تكلفة العمالة، والسوق الضخمة الى جانب دور مصر كبوابة للسوق الافريقية، ويدفع التوجه العالمى لإصلاح الخلل فى سلاسل الإمداد للتعاون المشترك فى مجال صناعة أشباه الموصلات والبطاريات والسيارات الكهربائية .او فى مجال تأمين مصادر الطاقة مع تحول مصر الى مركز إقليمى لها.



ويسهم التعاون فى مجال التحول الرقمى فى الزراعة للاستفادة القصوى من الموارد المحدودة كالماء والتربة ومواجهة التغير المناخى وذلك مع أهمية السوق المصرية فى الصادرات الزراعية لأوروبا. ومن شأن التعاون فى مجال الامن السيبرانى المساعدة فى مواجهة التهديدات السيبرانية على المستوى الوطنى والإقليمى، وتبادل الخبرات بين المراكز الوطنية للامن السيبرانى، وبما يسهم فى تعزيز الثقة فى البيئة الرقمية والتجارة الالكترونية وترسيخ السلوك المسئول للدول فى الفضاء السيبرانى ودعم الجهود الدولية لتأمينه من جهة اخرى.



ويسهم دعم التحول الرقمى فى مجال الخدمات الحكومية والصحية والتعليمية فى خدمة التنمية عبر توفير فرص عمل جديدة، وزيادة مستوى الدخل والإنتاجية ودمج المهمشين، والتعاون فى بناء القدرات لدى الشباب فى مجال المهارات الرقمية، ودور ذلك الحيوى فى تعزيز برامج مكافحة الفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية والعنف والتطرف والجريمة، وأثر ذلك الايجابى على الأمن الأوروبى فى مواجهة مخاطر تصدير التطرف الى الداخل او عبر تنامى قوة اليمين المتطرف او دعم حالة عدم الاستقرار فى دول الجوار.



ويأتى إلى جانب ذلك أهمية التعاون بين الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية فى تطور العملية التعليمية وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار ودعم دور المجتمع المدنى فى تنمية رأس المال البشري.والتعاون مع القطاع الخاص فى دعم الاستثمارات الأجنبية فى الاقتصاد المصرى كأحد الاقتصاديات الناشئة الواعدة. ومن ثم فان الشراكة الإستراتيجية ترتكز أهميتها فى تبنى المدخل التنموى فى معالجة التحديات الأمنية المشتركة بما يقدم ذلك من حلول مستدامة تساهم فى ترسيخ الأمن الإقليمى، ودمج تلك الجهود فى التعاون الرقمى على الصعيد العالمي.