عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
علمتنى الحياة!
4 مارس 2023
مرسى عطا الله


◙ علمتنى الحياة أن رأس الحكمة عقل اللسان ومن ثم فإن اللسان المهذب عصفور نادر لأن اللسان بطبعه سيف قاطع لا يؤمن حده وكل كلام يخرج منه أشبه بسهم نافذ لا يؤمن رده.



◙ وكم كان الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه فصيحا وبليغا عندما قال إن راحة اللسان فى قلة الكلام مثلما أن راحة النفس فى قلة الآثام وراحة القلب فى قلة الاهتمام وراحة الجسم فى قلة الطعام.



◙ وقد كان أجدادنا القدامى على الحق عندما رددوا على مسامعنا أن جمال اللسان بالصمت وأن جمال الكلام بالصدق وأن جمال العقل بالفكر وأن جمال القلب بالنقاء وأنه كلما كان القلب كبيرا ازداد اللسان وقارا!



◙ واللسان له نصيب وافر فى مخزون الثقافة الشعبية المتوارثة عبر الزمن وأشهرها المثل القائل «لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك» فهو بمثابة نصيحة للمرء لكى يكون حريصا فى انتقاء كلماته لأن بعض ما يخرج من اللسان أحيانا يكون أوجع من الرصاص!



◙ لكن اللسان ليس شرا فى حد ذاته وإنما هو فى الأساس مفتاح للخير وطريق للنصر إذا كان الصدق منهجه والحب ديدنه، وكان القائد العظيم الاسكندر المقدونى يردد دائما فى كل معاركه «أعطونى لسان خطيب واحد وخذوا منى ألف مقاتل»!



◙ ومن حصاد مشوار العمر أدركت أن فصاحة اللسان وبلاغة الكلام تفتح للمرء الأبواب المغلقة وكل الدعوات النبيلة والأفكار المستنيرة لم تجد طريقها للذيوع والانتشار إلا بحسن الكلام وأعذبه!



◙ ومن أهم النصائح التى كررها أبى بملء مسامعى وأنا فى مقتبل العمر نصيحة مفادها «يا بنى إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك»!



◙ وكل تجارب الحياة أكدت لى أن سلامة الإنسان فى حلاوة اللسان لأن اللسان أشبه بدفة الزورق كلما كانت فى الاتجاه الصحيح كانت الأمواج والعواصف غير مؤثرة!



◙ وقد يدهشك أن أقول لك إن كثيرا من الذين لا يملكون القدرة على ضبط ألسنتهم عند الغضب أصحاب قلوب طيبة ولا يحملون فى صدورهم غلا وحقدا مستديما وسرعان ما تصفو نفوسهم بعد انقضاء أسباب الغضب المفاجئ والانفعال الزائد بعكس من ينطبق عليهم القول الأثير: «يعطيك من طرف اللسان حلاوة .. ويروغ منك كما يروغ الثعلب»!



------------------------



مقال كتبه الراحل قبل وفاته.