عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
هل يستمرُ تشجيع العنف؟
25 ديسمبر 2022
د. وحيد عبدالمجيد


فى نهاية المباراة الأكثر توترًا فى مونديال 2022، أجاب قائدُ منتخب الأرجنتين المتألق ليونيل ميسى عن سؤالٍ عما حدث قائلا: (كانت هناك أشياء لا يصح أن تحدث). قصد ميسى المشاجرات التى بدأ فصلُها الأول قبل نهاية الشوط الثانى، إثر تدخلٍ عنيف من لاعب أرجنتينى، فغضب الهولنديون واحتكوا بمرتكب الخطأ، واشتد التوترُ قبل أن يسيطر حكمُ المباراة الإسبانى أنطونيو لاهوز على الموقف، ولكن إلى حين. فما أن سجل لاعبُ هولندا فاوت فيخورست هدف التعادل فى نهاية الوقت المحتسب بدلا من الضائع، حتى ازداد التوترُ الذى بدأ قبله بنحو عشر دقائق.



وما أن بدأ الوقتُ الإضافى حتى صار التوتر سيد الموقف، وأدى إلى التحامات تشبهُ خناقات الشوارع، وشارك فيها لاعبون جالسون على مقاعد البدلاء، وعناصرُ من الطاقمين الفنيين. وأصبح الوضعُ صعبًا، فاضطر حكم المباراة إلى التوسع فى استخدام الكروت الصفراء التى وصلت فى مجملها إلى 18، وتحول أحدها إلى الأحمر للهولندى دنزل دامفريس.



وهذا عددُ مهول غير معتاد، خاصة فى ظل تعديل بعض بنود قانون اللعبة للسماح بأشكالٍ من التدخل العنيف من لاعبٍ ضد آخر فى حالة تنافسهما على الكرة، وبالتالى تقليل استخدام الحكام لكروت الصفراء والحمراء عقابًا على تدخلاتٍ كانت تستوجبُ إشهارها.



غير أنه لم تكن ثمة وسيلة أخرى لاستعادة النظام فى مباراةٍ كادت تخرج عن نطاق السيطرة. وبدلا من أن يُحسب لأشهر حكام إسبانيا نجاحُه فى ذلك، عاقبه الاتحاد الدولى الفيفا بعدم إسناد مباريات أخرى له فى هذا المونديال، رغم الإقرار بأن قراراته كانت موفقة فى ظل اشتعال الأجواء بين المنتخب. فكيف يُعاقبُ الموفق إذن؟ لا جواب حتى اللحظة عن هذا السؤال إلا إمعان الفيفا فى تشجيع العنف فى الملاعب، منذ أن أجرى التعديل القانونى الذى يسمحُ بأشكالٍ منه، ويقّيدُ الحُكام ويُعطى الأفضلية للقوة على حساب اللعب الجميل، ويحرمُ محبى اللعبة الذين يتذوقون حلاوة هذا اللعب من الاستمتاع به. فهل يستمرُ هذا التشجيعُ على العنف فى الملاعب، وكيف سيكونُ أثره فى لعبة كان الفنُ الكروىُ أهم ما يميزها؟.