عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
معركة وهمية حول ترشيح فيلم مصرى للأوسكار!
7 أكتوبر 2022
علا الشافعى
سيد رجب فى مشهد من فيلم 19 ب



  • هل يوجد منتج مصرى مهتم بالأوسكار؟.. ومن لديه استعداد لدفع الملايين لعرض فيلمه فى السينمات الأمريكية؟











لماذا تحول الأمر إلى معركة؟ هل حقا علينا أن نقوم بإرسال فيلم مصرى يمثلنا فى مسابقة الأوسكار رقم 95 لأفضل فيلم أجنبي؟ هل علينا أن نكتفى مثل كل عام بالتمثيل المشرف، هل أصبح يتوجب علينا إنتظار اجتماع اللجنة المشكلة من قبل نقابة السينمائيين للتصويت على اختيار فيلم من عدمه، وبعدها نكتفى بنشر العديد من الأخبار والمتابعات عن الفيلم الذى تم ترشيحه، ولا نسأل أبداً ماذا بعد؟





كلها أسئلة مهمة تستحق الطرح حول هذه القضية، بعيداً عن المعركة الدائرة مع أو ضد الترشح من الأساس، خصوصاً إذا كان الإنتاج لا يليق.



أول هذه الأسئلة: هل يوجد منتج مصرى معنى بهذا الأمر حقاً، هل هناك شركات إنتاج لديها استعداد لدفع ملايين الدولارات من أجل عرض الفيلم الذى تم اختياره فى عدد من دور العرض الأمريكية وعمل دعاية مناسبة طبقاً للشروط، هل السينما المصرية حقاً تشهد اهتماماً حقيقياً من صناعها، هل تقوم غرفة صناعة السينما بواجبها الحقيقى تجاه صناعة صارت «لقيطة»، ماذا عن أزمات السينما المصرية التى تفاقمت فى العقد الأخير، هل فكر أحد فى حلول، ماذا عن زيادة أسعار التذاكر، ماذا عن منافسة المنصات، ماذا عن نوعية المنتج الذى باتت السينما المصرية تقدمه، وليس له علاقة بواقعنا من قريب أو بعيد؟



أنا هنا لا أتحدث عن فيلم بعينه، بل عن أفلام تجارية كل هم صناعها ونجومها، محاكاة الباترون الأمريكى، وإثبات قدرتنا على تقديم سينما مليئة بالأكشن والحركة والمطاردات.



أعتقد أن السينما وأزماتها المزمنة هى ما تستحق التوقف عنده والمحاربة لأجله، وليس تلك المعركة الوهمية.



فى الحقيقة أصبحت لا أذكر عدد المرات التى كتبنا فيها عن موضوع غياب الفيلم المصرى عن مسابقة الأوسكار منذ أعوام طويلة، ولا سر العقدة التى تنتابنا عندما نتذكر الأمر، خصوصاً أنه على مدار سنوات، ورغم تنوع الإنتاج وتميزه كان يصعب اختيار فيلم مصرى بسبب العيوب التقنية وتحديدا فيما يتعلق بشريط الصوت، وبعد التطور التكنولوجى الذى أصبحت تشهده صناعة السينما المصرية.



أصبحنا أمام معضلة أخرى وهى تراجع حجم الإنتاج وقلة تنوعه. وماذا عن دعم الأفلام الجادة، وهو الأمر الذى أصبح فى خبر كان؟



شروط الأوسكار



تنتصر بعض آراء العاملين فى صناعة السينما إلى أن مسابقة الأوسكار هى لعبة دعائية بامتياز ومنهم المخرج المصرى تامر عزت الذى سبق لفيلمه الروائى «لما بنتولد» أن تم اختياره لتمثيل مصر فى مسابقة أحسن فيلم أجنبى، حيث يؤكد «أن الجهات الإنتاجية تنفق على الأفلام ما بين 3-16 مليون دولار فى حملة الترشيح للأوسكار فقط؟ وهو ما يجعلنا نتساءل من هو المنتج المصرى الذى يستطيع أن ينفق هذا الحجم من الأموال خصوصا وأن ميزانية أى فيلم مصرى بالأساس لا تتجاوز بأى حال من الأحوال الثلاثة ملايين دولار، هل هناك من يدرك أن التواجد فى مثل هذه المسابقة يفتح أسواقا جديدة لنوعية بعينها من الإنتاج المصرى، وأيضا آفاقا لبعض صناع السينما الذين يرغبون فى تطوير مهاراتهم والحصول على فرص أفضل.



وبنظرة سريعة على نوعية الأفلام التى شاركت فى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى مؤخرا سواء كانت أفلاما آسيوية أو إفريقية أو من أمريكا اللاتينية سنجد أنها أفلام تعبر عن هوية وثقافة مجتمعاتها، كما أنها تطرح قضايا إنسانية ولكن من منظور عالمى بمعنى أن هناك مراعاة أن هذا الفيلم من المفترض أن يتماهى أو يتماس مع الإنسان من مختلف الثقافات، ونضرب أمثلة بهذه النوعية من الأفلام التى شاركت مؤخرا منها الكورى « Parasite»، ومنها اليابانى «Drive my car»، أو الإيرانى «the salesman» للمخرج أصغر فرهدى، أو الفيلم المكسيكى «ROMA» للمخرج ألفونسو كوارون، وغيرها من الإنتاجات السينمائية العالمية المهمة ولو وضعنا بعضا من هذه النوعية فى مقارنة حقيقية مع الإنتاج السينمائى المصرى سنجد بالتأكيد أن الهوة واسعة بيننا وبين ما يحدث فى السينما العالمية.



ليس فقط فى ظل غياب المنتج الواعى والمهموم، بل أيضا تهميش دور السينما المستقلة والتجارب الخاصة فى مصر ومحاربتها فى بعض الأحيان رغم أن هذه السينما وتلك النوعية من الأفلام هى التى حفظت ماء وجه السينما المصرية طوال العقد الماضى فى ظل تفاقم أزمات السينما وتراكمها على مدار سنوات طويلة ندفع ثمنها جميعا.








وكانت لجنة اختيار الفيلم المصرى المرشح للأوسكار التى تضم سينمائيين ونقاداً، بإشراف «نقابة المهن السينمائية»، قد صوّتت على اختيار قائمة قصيرة «من بين 20 فيلماً عُرضت خلال عام 2022»، وضمّت القائمة 4 أفلام، هى بالترتيب «كيرة والجن»، «2 طلعت حرب»، «الجريمة» «قمر 14»، ثم أضيف لها بموافقة أعضاء اللجنة فيلم «19 ب»، الذى من المفترض أنه سيمثل مصر فى الدورة المقبلة من مهرجان القاهرة السينمائى وكان من المقرر أن يقام له عرض محدود لضمان وجود فرصة لترشحه، وهو أمر يعمل به فى بعض الأحيان وفى بعض الدول ولكن المخرج مجدى أحمد على رأى أن الأمر أقرب إلى التحايل وهو ما جعله يسحب فيلمه «2 طلعت حرب» من المشاركة، بعد ذلك وبعد التصويت انتصرت الأغلبية لعدم ترشيح فيلم مصرى هذا العام وهو ما أدى إلى الكثير من الشد والجذب بين العديد من النقاد وصناع السينما، معظم من صوتوا لعدم ترشيح فيلم مصرى فى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى هذا العام رأوا أنهم يدقون ناقوس خطر لصالح صناعة السينما المصرية التى تشهد تراجعا حقيقيا لا يليق بتاريخها الطويل، أما من رأوا أنه كان من الضرورى اختيار فيلم من زاوية أن التواجد مهم.. وبعيدا عن هذا وذاك أن حال السينما المصرية يستحق وقفة حقيقية وجادة بعيدا عن أى مزايدات بل هو خوف على تاريخ عظيم ومتنوع وملهم فى الشرق الأوسط.