3- من بين أكثر الأكاذيب التى نجحت إسرائيل فى الترويج لها بالباطل وبرعاية أمريكية فجة لتثبيت الأمر الواقع تكثيف المساعى السياسية والإعلامية لخلق انطباع مضلل فى الساحة الدولية بأن ما اغتصبته إسرائيل من أراض عربية فى معارك 5 يونيو عام 1967 يعتبر مكاسب شرعية فى حرب دفاعية.
ولعل أكثر ما ساعد إسرائيل على الترويج لأكاذيبها أن الشعور بالغرور والتضخم فى إسرائيل كان قد بلغ درجة غير مسبوقة بينما كانت الآثار السياسية والنفسية التى أفرزتها نكسة 1967 آثارا شديدة وحادة وموجعة على امتداد العالم العربى فى الوقت الذى طرأت فيه على المشهد الدولى متغيرات دولية عميقة اتجهت إلى الدعوة للاسترخاء العسكرى بعد إعلان موسكو - واشنطن عقب قمة نيكسون وبرجينيف عام 1972 انتهاء الحرب الباردة بين القوتين العظميين.
هكذا فوجئ العالم العربى – وفى المقدمة مصر - بصدمة غير متوقعة لأن مقتضيات الوفاق العالمى سوف تفرض على الاتحاد السوفيتى قيودا على حجم إمداداته العسكرية لنا بدعوى أن أهم بنود الوفاق العالمى هو العمل على تهدئة النزاعات الإقليمية وأهمها النزاع فى الشرق الأوسط بينما كانت إسرائيل قد ضمنت بقاء تفوقها العسكرى المطلق على الدول العربية كلها بفضل ما حصلت عليه من دعم عسكرى هائل من الترسانة الأمريكية.
لكن مصر رفضت الاستسلام لصدمة الوفاق العالمى خصوصا أن حرب الاستنزاف كانت قد أدت غرضها فضلا عن معجزة تحريك حوائط الصواريخ إلى حافة القناة قبل بدء سريان وقف إطلاق النار ليلة 7 – 8 أغسطس عام 1970.
وفى أوراقى تقدير موقف كان لى شرف المشاركة فى إعداده مطلع عام 1973 فى منتصف شهر يناير مفاده «إن القوات المسلحة بمختلف قطاعاتها تتحرق شوقا إلى تلقى أمر القتال فى أى لحظة فى ظل شعور بأن العسكرية المصرية وقع عليها ظلم فادح فى يونيو عام 1967 وإنه بعد حصاد حرب الاستنزاف وبناء حائط الصواريخ يتطلع الجميع قادة وضباطا وجنودا لتصحيح الصورة وتضميد الجراح ورد الاعتبار والثأر لدماء الشهداء».
هكذا ووسط هذه المصاعب والتحديات وفى ظل حسابات دقيقة ومعقدة داخليا وعربيا ودوليا أصبح اتخاذ قرار الحرب مسألة وقت .. وتلك حكاية أخرى!
وغدا نواصل الحديث