رسائل إلى د. رضا حجازى (2)
عزيزى الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم ..
أردت فى رسالتى الأولى لكم أمس أن أذكركم، وأذكر القراء الأعزاء، بثقل المسئولية التى ألقيت على عاتقكم، والتى أتيقن من إدراككم لها تماما. ويهمنى– فى تلك الرسالة الثانية- أن أوضح كذلك مسألة أولية مهمة أخرى لا شك أنها تخطر على بال الغالبية العظمى من القراء، وهى: ما هو الفارق بينكم وبين الوزير الفاضل السابق د. طارق شوقى...؟ الفارق كبير للغاية! فأنت أتيت من قلب الوزارة العتيقة! لأنك بدأت مدرسا للعلوم، وأشرفت على امتحانات الثانوية العامة... إلخ، أما د. طارق شوقى، فهو أساسا مهندس تخرج فى جامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراه من جامعات أمريكية راقية، وتولى مناصب رفيعة فى اليونسكو...إلخ.
وقد يقول البعض – وهم فعلا قائلون، ولهم كل الحق - أليست وزارة التربية والتعليم فى حاجة للتطوير وتطعيمها بالأفكار الجديدة فى عالم المعلومات والمعرفة...إلخ. نعم، هذا صحيح، وهو ما حاوله د. طارق بمبادراته وتشجيعه لاستخدام التابلت (الكومبيوتر اللوحى) فى التعليم، وتغيير نظام الإمتحانات إلى أسلوب البوكليت الذى يتناقض مع مجرد الحفظ والتلقين ...إلخ. غير أن هذا الطموح للدكتور شوقى، كان بعيدا تماما عن واقع التعليم الذى يتم على أرض الواقع. ليس فقط لأن البنية الأساسية لذلك التطوير لم تكن موجودة، ولكن لأن هذا كله ـ أولا وقبل كل شيء، وأنا أشدد على تلك النقطة - يفترض أصلا وجود المدرسة بكافة عناصرها المتفق عليها فى الدنيا كلها: من مبنى ملائم مجهز بالحد الأدنى المتفق عليه لفصول، وملاعب، ودورات مياه. ومدرسين متفرغين لعملهم بالمدرسة، وطلاب ينتظمون فى الدراسة وفى الحضور. غير أن ذلك كله يكاد أن يختفى الآن فى مدارس الفقراء: ومنذ اليوم الأول يتوزع التلاميذ على المدرسين الذين تحولوا إلى باعة متجولين أثرياء للدروس الخصوصية، وعلى السناتر، التى اختطفت التلاميذ، لتبقى المدارس أطلالا خاوية على عروشها، يحرص أهاليهم على التقييد فيها، فقط ليضمنوا لأبنائهم مقاعد فى الامتحانات! وللحديث بقية!